الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

حاجتنا للشعر في زمن كورونا

حاجتنا للشعر في زمن كورونا

PSX_20200326_203316 الشعر في زمن كورونا

بقلم: د. معراج أحمد معراج الندوي أستاذ جامعة عالية كولكاتا ـــ الهند

يملك الشعر قدرة لا نظير لها على تنبيهنا، وبعثنا من غفلتنا، فهو يوقظ شعورنا ويدفعنا إلى العمل لمكافحة البلاء والوباء، ويشهد التاريخ على اعتماده منذ العهود الغابرة في نشر القيم الإنسانية في العالم، كما أنه يعد من الوسائل القادرة على إيقاظ ضمير البشرية لمكافحة كل ما تعاني الإنسانية اليوم من فيروس كورونا، الذي يهدد البشرية كلها دون تمييز على أساس العرق والدين واللغة والبلد، كما يذكرنا بأن جميع سكان كوكب الأرض مصيرهم مشترك في تخليص الإنسانية من الوباء والبلاء.

لم يكن الشعر يوما ما لسان الخراب والشر والجفاء، بل كان دائما يدفع المشاعر إلى أرفع درجاتها، وينبذ القهر والظلم ومكافحة الحرب وانقاذ البشرية، ولعل من ضمن حسناته القدرة على توحيد الإنسانية على مصيرهم مشترك في الحياة السعيدة على كوكب الأرض.


ونظراً لأهمية الدور الذي يلعبه الشعر، وقدرته الفريدة على مخاطبة الناس، واختراق وجدانهم بلا استئذان في كل مكان وزمان على اختلاف ثقافتهم ومراحل عمرهم، فقد استخدم لتحقيق غاية سامية تتمثل في تخليصالإنسانية من براثن الوباء والبلاء، الذي يستهدف إلى كل إنسان على الكرة الأرضية، ولا يفرق بين شخص وآخر في انتشاره وانتقاله.


الشعر هو رحلة الإنسان والحياة، باعتباره الكائن الأقرب إلى مشاعر الأفراد ومطالبهم وآمالهم، والمجسد لأحلام الشعوب، والمعبر عن أسمى أشكال روحانياتهم، وهو الذي يمد الشعوب بالشجاعة من أجل تغيير أوضاع العالم، وعندما يدبّ الهلع في قلوب البشر كما هو الأمر اليوم بالنسبة لـ كورونا.

إن رسالة الشعر رسالة خالدة، فالشاعر وهو في نوبات جنونه ينقل بصره من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء، فتصور له مخيلته المبدعة ما لا يراه غيره، ويستطيع أن يترجم هذه المشاعر بقلمه حروفا آسرة، ويجسد بلسانه أصواتا أَخَّاذَة تنقل السامع إلى عوالم السحر والجمال والسلام الداخلي، ثم يقوم الشاعر بإعادة التفكير من جديد في علاقة الإنسان بالطبيعة والأشياء.

لقد أصبح الشعر إحدى الوسائل المهمة في إيقاظ ضمير الإنسان حول العالم، فضلاً على أنه أصبح من أهم الرسائل المباشرة للترابط والتراحم بين الناس، وقد حان الوقت لأن يستخدم للتوعية بضرورة محاربة فيروس كورونا لكي تنعم جميع البشرية بالحياة السعيدة على وجه الأرض.

والشعر نافذة تطل على تنوع البشرية، الذي يأسر القلوب ويخلب الألباب، لأن الشعر يجمع قلوباً ترتعش بالحياة وتنبض بها، وهو الكائن الشعوري الذي نعيش به، يتسلل إلى الزوايا المظلمة في الحياة الإنسانية، ويشعل القبس الذي ينير الحياة، ويعطيها المعنى، ويفرد الروح بالمحبة على وسع الكون، كما أنه يعبّر عن الحياة كما يحسها الإنسان من خلال وجدانه. و

ومن أهم وظائف للشعر، التعبير عن الجوانب الوجدانية من نفس الإنسان. والشاعر ينظر إلى المجتمع البشري من خلال نافذة وجوده ويرصده ما تدور فيه من روابط وصلات، ثم ينفعل ويتأثر بما يميله عليه المجتمع فتجيش في خلده مشاعر وعواطف، تعكسها قريحته بكل شفافية، ويحركها وجدانه المتدفق.

يحاول الشاعر من خلال قوة كلماته وسلاسة أبياته الشعرية، التي تعكس مقدرة فريدة على تطويع المعاني والكلمات لخدمة الإحساس، والتعبير عن مشاعر مكنونة تجاخ الوطن الارض والانسان.

إن فيروس كورونا الذي اجتاح العالم، انطلاقًا من الصين لينتشر في العديد من دول العالم وليصبح أكبر خطر يهدد البشرية، يمكن للإنسان مواجهته من خلال الشعر باتخاذ قرار للتخلص منه، وانقاذ البشرية كلها من حصاده.

للنشر والمساهمة في قسم الساحة: [email protected]