الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الحب الإلكتروني في زمن كورونا

الحب الإلكتروني في زمن كورونا

PSX_20200407_022311 الحب الإلكتروني

بقلم: د. معراج أحمد الندوي أستاذ بجامعة عالية كولكاتا ـ الهند

مع تفشِّي فيروس كورونا، انقلبت حياة الملايين حول العالم رأساً على عقب، وتغيرت طريقة إلقاء التحية، وأنماط المواعد، وتلاشى كثير من العادات اليومية تدريجياً، مع تطبيق الحكومات قواعد صارمة «للتباعد الاجتماعي» بهدف مكافحة الوباء، الذي أصاب وفتك بأكثر من نصف مليون شخص حول العالم.

إن فيروس كورونا له تأثير كبير على تغيير سلوكيات الناس وتصرفاتهم، وردود أفعالهم في حياتهم اليومية، وأدّى إلى اختلاف طرق تفكيرهم كما اختلفت أدوات تواصلهم، ولا شك أن كل التعليمات والإرشادات التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية بغية الحدّ من انتشار فيروس كورونا، تتناقض تماماً مع فكرة التقارب الإنساني وزيادة التواصل الاجتماعي المباشر، بحيث تدعو جميع الدول اليوم، إلى تجنب الذهاب إلى الأماكن المزدحمة، ومحاولة البقاء في المنزل، وهذا كله يعني عدم لقاء أشخاص جدد، وتراجع فرص بدء مغامرات عاطفية وإيجاد الشريك المناسب، أي أن فيروس كورونا يحول دون تمكن الناس من فرص الحب.

وفي زمن كورونا عندما ازداد التواصل الاجتماعي من خلال سوشيال ميديا والهاتف الذكي، وجد الحب طريقه من خلال فيسبوك وواتساب وتويتر وإنستغرام وأمثالها، نوعاً جديداً من الحب، وهو الحب الإلكتروني، الذي يبدأ عادة من خلال محادثة عابرة بين شاب وفتاة، ليلتقي بعدها قلبان كل منهما يبحث عن الآخر.

الحب الإلكتروني فيه تبادل نظرات الإعجاب من أحد الطرفين، فتكون علاقة الحب متبادلة حتى يصلا إلى مرحلة تكون كلمات الحب فيها مكرورة، ولم يعد هناك أي كلام يقولانه، أو مشاعر يصرحان بها، وينتهي هذا الحب بانتهاء كلمات الحب والغرام.

الحب الإلكتروني هو حب عن طريق الإنترنت، يكون طرفاه: الذكر والأنثى متباعدين فيما بينهما، ويجمعهما جهازا كمبيوتر بهما شبكة الإنترنت، ويلتقيان صدفة إما في غرف الشات أو المنتديات أو من خلال المدونات، ومن ثم ينشأ حبهما من خلال تلك الوسائط، ويزداد إلى أن يصل، إما لطريق مسدود أو لطريق مفتوح يصعب إغلاقه.

إن الحب له معانٍ في حياة الناس، ولا يخلو زمن من الأزمنة من بحث الحب عن طريقه، والناس لن يتوقفوا عن البحث عن الحب بسبب فيروس كورونا، حيث يأمل البعض أن تصبح منصاتهم وسيلة للبقاء على اتصال والتعرف على أشخاص جدد، دون أن يضطروا إلى مغادرة المنزل، خاصة حال تضمنت هذه المنصات ميزة المكالمات الصوتية والفيديو، بالإضافة إلى الإجابة على بعض الأسئلة التي تدور حول فيروس كورونا.

الحب الإكتروني لا يعد حباً صادقاً وحقيقياً في أغلبه، وذلك لأن الحب مشاعر وأحاسيس، مصدرها نظرة العين وراحة القلب، أي أن النظر هو أولى خطوات الحب، وهو مصدر الإعجاب وليس من خلف كواليس الإنترنت.

إن الحب الإلكتروني يجعل المشاعر جافَّة، ينتج عن سهولة الاتصال واللقاءات السريعة، ما يجعل الحب سهلاً ورخيصاً، يأتي سريعاً ويذهب سريعاً أيضاً.

الحب الإلكتروني لا تُعرف أرضه من سمائه، وهو حب لا طعم له ولا روح، بخلاف الحب الرومانسي، عندما كان الحبيب يحضن المخدة، ويتخيل ملامح المحبوبة، وكذلك كانت الفتاة، كل حلمها أن ترى العريس وتجلس معه في حضور الأهل، وتنتظره تحت الشباك، فكان الخيال يضفى جمالاً وسحراً للحب.

الحب عن طرق الجوال أو النّت كله تخيلات، وهو مجرد حلم قد لا ينتهي بتحققه، والحب الافتراضي لا علاقة له بالحقيقة، لا يظهر إلا في الظلام مع الإنترنت، يبدأ هذا الحب بـ«لايك» وينتهي ببلوك.

إن فيروس كورونا الذي يجتاح العالم يهدد البشرية كلها، ولا يصمد الحب الإلكتروني وعلاقات العشق والغرام أمامه.

للنشر والمساهمة في قسم الساحة: [email protected]