تنحصر أهداف الحروب التي يختلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في هدفين، تبدو من خلالهما شخصيته التي يُظهر منها جانبًا مُلفَّقًا، ويجاهد في إخفاء الحقيقة التي يحاول طمس معالمها.الهدف الأول يرمي إلى استعادة الخلافة العثمانية في ثوب إخواني، ووراءه يتوارى أردوغان الطامع في السلطة، لاهثًا وراء رغبته في أن يكون طاغيةً تهابهُ القوى العظمى.والهدف الثاني يرمي إلى الحفاظ على مصالح الدولة التركية، ووراءه يتوارى أردوغان المتورط في إهلاك دولته ممَّا يدفعه إلى إنهاك الجيش التركي على الدوام، ليصرف النظر عن حماقاته في الداخل التركي، خوفًا من تكرار ما حدث في منتصف ليل يوليو 2016م.في السياق ذاته، وافق البرلمان التركي السبت 12 ديسمبر الجاري على تمديد مهام الجيش التركي في ليبيا لعام ونصف العام، وبعد ذلك صرَّحتْ الرئاسة التركية بأن سيطرة الجيش الليبي على شرق ليبيا ووسطها، يهدد مصالح تركيا بالمنطقة التي لا تعني سوى الاستحواذ على ثروات ليبيا، وإن كان في حقيقية الأمر، التواجد التركي في ليبيا هذه الأيام يرمي إلى ما هو أبعد من ذلك.فتارةً يصرح أردوغان بأن انتقال الجنود الأتراك إلى ليبيا تلبية لحكومة الوفاق الليبية، وتارةً أخرى يقحم المصالح التركية في ليبيا، وكثرة الادعاءات الأردوغانية تفضح الأطماع الشخصية التي يسعى وراءها أردوغان، علما بأنه لا يهمه استقرار ليبيا أو المنطقة بأسرها، ولا تعنيه مصالح تركيا المُدعاة.قبل تصريح البرلمان التركي تسلمت رئاسة البرلمان مذكرة من الرئيس التركي، تنصّ على بقاء الجيش التركي في ليبيا لمدة 18 شهرًاـ كما ذكرنا سابقا ـ الأمر الذي يفضح مساعي أردوغان الخبيثة، ويؤكد على أنه يطوِّع القرارات البرلمانية التركية وفقًا لهواه المريض وأطماعه الخاصة، كما يؤكد انعدام نية تراجعه عن تجاوزاته لكل الاتفاقات الدولية والجهود الإقليمية لإحلال السلام وإنهاء الحرب في ليبيا، ممَّا يكشف الستر عن مخطط جديد يدبر في قصر يلدز لإشعال حرب جديدة موسعة على غرار ما دار في إقليم ناغورنو كاراباخ بين الجيش الأذري والأرميني مؤخرا.ويأتي تصنيف هذه الحرب بعد ثلاث حروب صنعها أردوغان بصحبة مدير مخابراته هاكان فيدان؛ الأولى: كانت لاستهداف ما أسماه أردوغان بالكيان الموازي، والثانية: ضد أكراد تركيا، والثالثة: ضد منظمة فتح الله جولن، واليومَ يشن حرباً رابعة ضد ليبيا وشعبها بكافة مكوناته آملاً في استعادة شعبيته المتدهورة بتدهور الوضع الاقتصادي، وتراجع ليرته أمام الدولار الأمريكي.إنَّ «حرب الإلهاء» المُنتظرة في ليبيا هدفها شغل المعارضة والجيش التركيين عن سوءات أردوغان التي بدأت بالتكشف، وعمَّا يدور في الداخل التركي من انتهاكات تنتهي خيوطها عند أحلام أردوغان الشخصية، وعند رغبته في إعادة الأبواق الإعلامية للعثمانيين الجدد للتغني بإنجازاته وفتوحاته الكاذبة، وهو ما تصدْع به قناة الجزيرة القطرية، وقرع الطبول الإخوانية على أكمل وجه.ما لم يدركه أردوغان أن ليبيا ليست فرصة لتحقيق إنجاز إعلامي أبله يلمع خلاله نجمه الآفل بعدما بات محاصرًا بين شقي الرحى (ليبيا، وشرق المتوسط) بفضل التحركات العسكرية لفرنسا ومصر والإمارات واليونان، بالتزامن مع جهوزية الجيش الوطني الليبي، وهو ما تعمدت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية إظهاره عبر مناورات الشهيد ونيس بوخمادة.إن أمثال أردوغان لا يستطيعون العيش دون سلطة أبديّة، وسقوطه يعني مواجهته شبح المحاكمة على الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها في الداخل التركي بحجة الدفاع عن مبادئ الجمهورية التركية، التي دمَّر ملامحها بسلاح حزبه الإسلامي الحاكم المتطرف.

الصياد الحقيقي لا يصبح فريسة
7 مايو 2020
18:39 م
إبراهيم أبوعواد كاتب ـ الأردن
يحاول الإنسان اكتشاف العناصر المحيطة به، لكن الأولى به أن يكتشف نفسه، ويغوص في أعماق ذاته، بحثاً عن أسرار حياته المعنوية والمادية.
والإنسان الذي يجهل نفسه، ولا يعلم نقاط قوته ولا نقاط ضعفه، هو أعمى البصيرة، ويسبح في الاتجاه الخاطئ ظناً منه أنه يقترب من بر الأمان، وهو في الحقيقة يبتعد عنه، ويقامر بمصيره، ويخاطر بحياته.
المشكلة المركزية في الحياة هي أن الإنسان يحرص على اختراع مبررات لأخطائه، ويقضي وقتاً طويلاً في اختلاق الأعذار لمواقفه السلبية، وهذا الوقت كان كافياً لإصلاح الأخطاء، ولكن غرور الإنسان وعناده يمنعانه من الاعتراف بأخطائه، والإقرار بانحرافاته، لأنه يعتقد أن الاعتراف بالخطأ ضعف، وتشويه لصورته اللامعة أمام الناس، وبالتالي سيخسر اسمه ومكانته الاجتماعية، وهذا الوهم القاتل يدفعه إلى الغرق في أخطائه، والاستمرار في ارتكاب الحماقات والسلبيات، حتى يتلقى الضربة القاضية، ولا فائدة من الندم بعد فوات الأوان.
ولو اقتنع الإنسان بأن الاعتراف بالخطأ شجاعة، وأن أول خطوة لعلاج المريض هي اعترافه بالمرض وعدم المكابرة، لوفر الوقت والجهد، وأعاد القطار إلى السكة الصحيحة، ما يؤدي بالضرورة إلى تعزيز قوة الإنسان، وزيادة مكاسبه على كافة الأصعدة.
وإذا لم تكن قوة الإنسان ذاتية، ومنبعثة من أعماقه، فيجب عليه أن يحاول جاهداً لبناء قوته الذاتية، ولا يترك مصيره في أيدي الآخرين، لأنهم سيلعبون به حتماً، ولا توجد مساعدة مجانية، وكل دعم له ثمن يجب دفعه، والعاقل لا يرمي كل أوراقه في أول اللعبة، بل عليه أن يحتفظ بأوراق كثيرة مؤثرة، ويخبئها للأزمات.
إن عدم الثقة أفضل من الثقة العمياء، وكل ثقة ينبغي أن تكون مدروسة بعناية، ومحسوبة بدقة، وموضوعة في سياقها الصحيح، وإذا لم يجد الإنسان صديقاً مخلصاً نجح في اختبارات الثقة وتجارب الحياة، فالأفضل أن يعيش بدون أصدقاء.
كما ينبغي الاحتفاظ بمسافة مع الآخرين (مسافة الأمان)، لتجنب تأثير طعنة الغدر، التي قد تظهر في الأحوال المتغيرة، تبعاً لتبدل القلوب والمشاعر، وقد سمي القلب قلباً من التقلب والتغير.
ولا بد من فتح جميع النوافذ مع كافة الأطراف، والحفاظ على خط الرجعة، وعدم وضع جميع البيض في سلة واحدة، لأن السلة إذا وقعت، ستكون الخسارة شاملة وعامة.
إن أخطر التحديات التي تواجه مصير الإنسان وجدوى وجوده، يتمثل في تعامله مع الحالات التي يكون فيها الخطأ الأول هو الخطأ الأخير، وهذه الحالات في غاية الخطورة، لأن هامش المناورة فيها ضئيل، والخطأ الأول قاتل، وسينهي كل شيء، ولا توجد فرصة للتعويض وتدارك ما فات، ولا مجال لوجود محاولة أخرى.
والعاقل يبتعد عن هذه الحالات قدر الاستطاعة، ولكن إذا فُرضت عليه، واضطر إلى التعامل معها تحت ضغوطات معينة، فعندئذ ينبغي أن يكون في أعلى درجات التركيز، فهو إما أن يربح كل شيء، أو يخسر كل شيء.
ومن أجبرته الظروف على التعامل مع الذئاب، فيجب ألَّا يفترض حسن النية، وعليه أن يحمي نفسه بشتى الوسائل، لكيلا يصبح الصياد فريسة.
يحاول الإنسان اكتشاف العناصر المحيطة به، لكن الأولى به أن يكتشف نفسه، ويغوص في أعماق ذاته، بحثاً عن أسرار حياته المعنوية والمادية.
والإنسان الذي يجهل نفسه، ولا يعلم نقاط قوته ولا نقاط ضعفه، هو أعمى البصيرة، ويسبح في الاتجاه الخاطئ ظناً منه أنه يقترب من بر الأمان، وهو في الحقيقة يبتعد عنه، ويقامر بمصيره، ويخاطر بحياته.
المشكلة المركزية في الحياة هي أن الإنسان يحرص على اختراع مبررات لأخطائه، ويقضي وقتاً طويلاً في اختلاق الأعذار لمواقفه السلبية، وهذا الوقت كان كافياً لإصلاح الأخطاء، ولكن غرور الإنسان وعناده يمنعانه من الاعتراف بأخطائه، والإقرار بانحرافاته، لأنه يعتقد أن الاعتراف بالخطأ ضعف، وتشويه لصورته اللامعة أمام الناس، وبالتالي سيخسر اسمه ومكانته الاجتماعية، وهذا الوهم القاتل يدفعه إلى الغرق في أخطائه، والاستمرار في ارتكاب الحماقات والسلبيات، حتى يتلقى الضربة القاضية، ولا فائدة من الندم بعد فوات الأوان.
ولو اقتنع الإنسان بأن الاعتراف بالخطأ شجاعة، وأن أول خطوة لعلاج المريض هي اعترافه بالمرض وعدم المكابرة، لوفر الوقت والجهد، وأعاد القطار إلى السكة الصحيحة، ما يؤدي بالضرورة إلى تعزيز قوة الإنسان، وزيادة مكاسبه على كافة الأصعدة.
وإذا لم تكن قوة الإنسان ذاتية، ومنبعثة من أعماقه، فيجب عليه أن يحاول جاهداً لبناء قوته الذاتية، ولا يترك مصيره في أيدي الآخرين، لأنهم سيلعبون به حتماً، ولا توجد مساعدة مجانية، وكل دعم له ثمن يجب دفعه، والعاقل لا يرمي كل أوراقه في أول اللعبة، بل عليه أن يحتفظ بأوراق كثيرة مؤثرة، ويخبئها للأزمات.
إن عدم الثقة أفضل من الثقة العمياء، وكل ثقة ينبغي أن تكون مدروسة بعناية، ومحسوبة بدقة، وموضوعة في سياقها الصحيح، وإذا لم يجد الإنسان صديقاً مخلصاً نجح في اختبارات الثقة وتجارب الحياة، فالأفضل أن يعيش بدون أصدقاء.
كما ينبغي الاحتفاظ بمسافة مع الآخرين (مسافة الأمان)، لتجنب تأثير طعنة الغدر، التي قد تظهر في الأحوال المتغيرة، تبعاً لتبدل القلوب والمشاعر، وقد سمي القلب قلباً من التقلب والتغير.
ولا بد من فتح جميع النوافذ مع كافة الأطراف، والحفاظ على خط الرجعة، وعدم وضع جميع البيض في سلة واحدة، لأن السلة إذا وقعت، ستكون الخسارة شاملة وعامة.
إن أخطر التحديات التي تواجه مصير الإنسان وجدوى وجوده، يتمثل في تعامله مع الحالات التي يكون فيها الخطأ الأول هو الخطأ الأخير، وهذه الحالات في غاية الخطورة، لأن هامش المناورة فيها ضئيل، والخطأ الأول قاتل، وسينهي كل شيء، ولا توجد فرصة للتعويض وتدارك ما فات، ولا مجال لوجود محاولة أخرى.
والعاقل يبتعد عن هذه الحالات قدر الاستطاعة، ولكن إذا فُرضت عليه، واضطر إلى التعامل معها تحت ضغوطات معينة، فعندئذ ينبغي أن يكون في أعلى درجات التركيز، فهو إما أن يربح كل شيء، أو يخسر كل شيء.
ومن أجبرته الظروف على التعامل مع الذئاب، فيجب ألَّا يفترض حسن النية، وعليه أن يحمي نفسه بشتى الوسائل، لكيلا يصبح الصياد فريسة.
الأخبار ذات الصلة
24 ديسمبر 2020
19 ديسمبر 2020
19 ديسمبر 2020
19 ديسمبر 2020