الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

إيجابية الابتلاء.. والقيادة الفاعلة

إيجابية الابتلاء.. والقيادة الفاعلة
يوسف عبدالله الجنيبي محلل استراتيجي ـ الإمارات

عن أبي يحيى صهيب بن سنان قال: قال رسول الله ﷺ: «عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له» (رواه مسلم).

هذا الحديث يبعث على الاطمئنان لقدر الله خيره وشره، فقد حثنا نبينا الكريم على الإيجابية في النظر إلى كل ابتلاء يصيبنا، فإن كان الخير في هذا الابتلاء وجب علينا الشكر، وإن كان شراً كجائحة كورونا المستجد وجب علينا الدعاء والصبر وعدم الجزع من أمرالله.


نعم، كورونا غيّر حياتنا المعتادة، وتسبب في أزمات صحية واجتماعية واقتصادية للعالم أجمع، ولم يمهلنا وقتاً لمعرفة السبل التي نقاومه بها، إذ فاجأنا بفتكه بكل شيء دون شفقة غير مبالٍ بالعجوز الضعيف ولا الصغير الرضيع، ومع هذا كله، فهناك عدد من الفوائد الإيجابية التي يجب ألّا ننكرها تحت وطأة هذه الأزمة العالمية.


فعلى الجانب الاجتماعي، عاد مفهوم الأسرة الممتدة إلى السطح مرة أخرى بعد أن كاد الحوارالأسري يختفي من قاموسنا، فالكل مشغول بعمله وهاتفه و«كمبيوتره» و«البلاي ستيشن» وغيرها من ملهيات الحياة. فالوالدان والأخوة والأخوات والأبناء عادوا إلى الاجتماع يومياً حول طاولة الطعام أو في مجلس العائلة للتسامر والتحاور فيما بينهم، يشدون من أزر بعضهم البعض لتجاوز هذه المحنة.

وعلى صعيد الحماية الشخصية، فقد بدأ الجميع بالاهتمام اللازم بكل ما هو حوله ليتأكد من نظافته وخلوه من فيروس كورونا، فأصبحت النظافة اليومية عنواناً لكل بيت وكل شركة وكل ما يمكن أن نراه أو نلمسه بأيدينا، ناهيك عن التذكير بأهمية التعقيم وغسيل اليد بالماء والصابون حتى أطفالنا فلذات أكبادنا صاروا خبراء في كيفية التعقيم الشخصي، ما يبشر بميلاد أجيال واعية بمفهوم النظافة الشخصية ونظافة الأماكن التي نعيش فيها، كما بدأ الأبناء بالاهتمام أكثر بكبار السن في العائلة عبر فحصهم المنتظم في الجهات الصحية للتأكد من سلامتهم من الأمراض والأسقام.

أما استمرارية التعليم والأعمال عن بعد، فقد ساعدت البنية التحتية للتكنولوجيا الرقمية في الدولة على تفعيل الخدمات الإلكترونية للمجتمع الإماراتي، وقد أعطى هذا المفهوم الفرصة للموظفين لاكتساب مهارات جديدة متعلقة بتقنيات الكمبيوتر، كما أوجدت الأزمة فرصاً للموظفين للتميز في التعامل مع كاميرات الحواسيب والالتزام بدقة الاجتماعات والمكالمات عبر الفيديو، أما الشركات، فقد بدأت بإعادة التفكير في طرق العمل وكيفية الحصول على أفضل ما لدى موظفيها بطرق أقل كلفة وأكثر ابتكاراً.

وعلى الجانب الآخر، استمر التعليم عن بُعد لأبنائنا وبناتنا في جميع المراحل الدراسية، وعاد أغلب الآباء والأمهات للعب دور مهم في العملية التعليمية بجانب الهيئة التدريسية.

ومن الإيجابيات الخاصة بدولتنا الحبيبة وقيادتنا الرشيدة، هي تلك الاستجابة الاستراتيجية لأزمة كورونا والتي فاجأت العالم، باستعداد الإمارات التام لمواجهة الأزمات والكوارث عن طريق قرارات القيادة الواعية، والتي ركزت في المقام الأول على بث الطمأنينة في قلوب المواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة من خلال توفيرالغذاء والدواء والمراكز الطبية المتخصصة.

وهذه الاستجابة ليست وليدة اللحظة، بل هي ثمرة تخطيط دأبت عليه قيادتنا الرشيدة منذ تأسيس دولتنا الحبيبة، فكانت النتيجة متميزة بكل المقاييس، حيث يعيش إنسان الإمارات مطمئناً على نفسه وعائلته إيماناً منه بوجود قيادة فاعلة تواصل الليل بالنهار لضمان توفير العيش الكريم للجميع.. فهنيئاً لنا بقيادتنا الحكيمة وكوادرنا الطبية وجميع من يسهر على راحتنا في خط دفاعنا الأول.