الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

« التيترودوتوكسن».. والأُسَر الإماراتيّة العصاميّة

« التيترودوتوكسن».. والأُسَر الإماراتيّة العصاميّة
د. سعيد بن محمد العمودي ممارس ومستشار إعلامي ــ الإمارات

ولدتُ في ثمانينيَّات القرن الماضي من بين «فرجان» البيوت المترابطة، وتعرّضتُ لمحطات التعفف والتمحيص حيث كانت كفيلة لبنائي بروح وجسد وفكر رجل متلهف للنجاح، وعصامي الإرادة والإنجاز، وأحسب أنها هبةُ الله لي، مقابل من لا يزال الدلال واللامسؤولية والنعومة تكسوه كالطفل رغم تجاوزه سن الأربعين وما هو براشدٍ ألبتّة.

إن الأسر العصامية المتعففة جزء من النسيج الإماراتي والعربي، وخلاصة تجربتي ليست من خيال سينما هوليوود، إنما واقع صادق، لذا سأذكر هنا ـ من وجهة نظري الخاصة ـ ما يؤثر سلباً على «الأسرة العصامية».


أولاً: فيروس «الاستنقاص البغيض»، وهذا مدمر لنفسية محدودي الدخل، ويتطلب جهداً كبيراً لمقاومته من خلال العامل التربوي والسلوك الأخلاقي والروحي.


ثانياً: المنّ بعد العطاء، فهو أشبه بسمك النّيص ـ المسمى علمياً «التيترودوتوكسن» ـ الذي ثبت علمياً أن سموم سمكة منه تكفي لقتل 30 رجلاً بالغاً، رغم جمال مظهرها الخارجي، ولونها البراق، وعينيها الواسعتين.

ثالثاً: اكتفاء الإعلام حتى الآن بعرض تجارب الأسر العصامية عبر صور الدموع والألم، بهدف إيجاد مادة جذابة للمشاهدين.

رابعاً: بطر المبذرين الذي يقتل المتعففين مرتين، مرة لسوء الفعل، ومرة لشعورهم بالعجز.

لذلك كله، أتقدم بمقترحين، خاصة بعد نجاح برنامج «قلبي أطمأن»، الذي يعد ثورة برامجية تلفازية في قيم الإحسان الخفي، أولهما: أن نغير اسم الأسر من المتعففة والفقيرة ومحدودة الدخل إلى «العصامية»، وذلك على خلفية نجاح مصطلح «أصحاب الهمم».

وثانيهما: إنشاء بند بميزانية الدولة عام 2021، يُعنى بالأسر المتعففة، حيث تتجه المصروفات للأسرة الواحدة، وتقسم 30% للتعليم المعرفي و20% للتأهيل الفكري و30% للتدريب العملي و20% للوظيفة المهنية لتخريج جيل عصامي لوطنه وأسرته.