الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

« قانون للمرأة».. هل من سيدة معصوبة العينين؟

« قانون للمرأة».. هل من سيدة معصوبة العينين؟
فريد لفتة كابتن طيار ـ العراق

لطالما أثار حيرتي تمثال العدالة، الذي هو عبارة عن سيدة عمياء معصوبة العينين، تمسك ميزاناً بيد وسيفاً بيدها الأخرى، وترجع أصولها للميثولوجيا الرومانية، ولكن: لماذا سيدة؟.. ربما لأنها الأم، ولكي تحكم بين أبنائها تحتاج ألا تراهم بعينيها، كي لا تنحاز وتكون العدالة للجميع.

مما تقدم يفترض بالعدالة ألا تميل للون أو دين أو مذهب أو جنس، وأن يكون الجميع أمامها سواسية، وإلا أصبحت قوانين فصل عنصريّة.


والبشرية اليوم متخمة باختلافات جمة بدءاً باختلاف الجنسيات والأديان والألوان والمذاهب وليس انتهاء بالانتماءات السياسية، حيث أصبح من المتعذر عد أو إحصاء عدد الفرق وصراعاتها، لدرجة أن الإنسانية تعيش دائماً في دوامة من الاستنزاف والحروب لا طائل منها ولا نهاية لها، لهذا فإن إضافة «حزب الرجال» و«حزب النساء» وإشعال حروب بينهما أمر لن يخدم أي طرف ويزيد الطين بلة.


لنأخذ السيناريو الآتي: لنفترض أن رجلاً يدعى أحمد اعتدى باللفظ والضرب على رجل آخر يدعى ليث وامرأة تدعى عبير، فحسب قانون سيدة العدالة المعصوبة العينين، فإنها لا ترى الفروقات، وستحكم على أحمد بعقوبة واحدة مثلاً سنة من الحبس المشدد لضرب ليث ومثلها لضرب عبير، أما لو كان هنالك قانون منحاز للرجل فسيكون سنتين لضرب ليث وواحدة لضرب عبير، والعكس صحيح.

في هذا السياق نجد بعض الأدباء والإعلاميين صار يعيش على خلاف الرجل والمرأة، فأُلّفت الكتب وأنتجت البرامج، وبدأ البعض إما بالهجوم أو بالتملق للآخر وتعميق مفهوم الآخر، وكأن الرجل من كوكب والمرأة من كوكب آخر، أو كأنهما فصيلتين مختلفتين.

إن المطالبة بقانون خاص بالمرأة يعارض منطقياً المطالبة بالمساواة، فقانوناً يصور المرأة أضعف وبحاجة لحماية هو اعتراف ضمني بدونية المرأة لا بمساواتها.

نحن بشر لا فرق بيننا، ويفترض أن تكون الاختلافات البيولوجية هي فقط لغرض التكاثر لا أكثر ولا أقل، ولا يجب لها أن تمتد وتطال الكينونة أو الشخصية أو الصفات أو الذكاء إن ممارسة العنف ضد المرأة صورة مجتزأة، فالحقيقة أن العنيف يمارس العنف ضد الجميع مثل: عائلته أو أصدقائه أو شركائه أو الغرباء أو حتى الحيوانات أو الجمادات، فالعنف مرض سلوكي نفسي ولا دخل له بنوع المستهدف.

أنا لا أنكر وجود أشخاص لديهم كراهية وعنصرية للمرأة، لكنهم لا يختلفون عن العنصريّين من البيض أو المتطرفين أو الراديكاليين، والعلاج لا يكون بالتعميم ورد الفعل لأنه غالباً عشوائي لا عقلي وسيعمق الهوة.

الخلافات بين الرجل والمرأة هي كالخلاف بين الرجل والرجل، أو بين المرأة والمرأة، ولا تستدعي التعميم أو التخندق، بل محاولة رأب الصدع، أو المضي في الحياة وإيجاد شريك آخر.

ومن أضرار سن قوانين تمييزية لصالح المرأة، نذكر الآتي:

• ستعمق الشرخ، وتضر الطرفين، وتؤدي إلى زيادة في حالات الانقسام والطلاق.

• ستزداد الوحدة والكآبة، وترتفع معدلات الانتحار للطرفين.

• سيتضرر الأطفال وتنشأ أجيال فاقدة للحب، ولديها عقد، ونقص في الثقة بالنفس.

• في المستقبل بسبب انعدام الثقة ستكون الزيجات كالشركات ينظمها محامون، والعلاقة ميكانيكية لا طعم لها وتخلو من العاطفة، وتصطبغ بالحسابات، وسيتخندق الطرفان لكيد كل منهما للآخر.

• سيضطر الطرفان لإيجاد بدائل ولن يكونا سعداء بها، لأنها ضد الطبيعة البيولوجية لهما.

• ستؤثر على بقاء البشرية، وربما تكون أحد عوامل انقراضها، وقد يكون هذا ما يسعى إليه بعضهم.

أكثر ما يضحكني أن علاقة بسيطة وطبيعية غير قادرين على تنظيمها، ونسعى لحل خلافات معقدة مثل: السياسة أو الدين.. مثلنا كمثل من يُداوي الناس وهو عليل، لهذا أرى أن علاقة تحكمها ثقة ومودة وحب، خير من ألف عقد قانوني يتَمترس خلفه الشريكان ضد بعضهما بعضاً.