السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«أهالي كَوِينين».. ميلاد ثقافي في وادي النور

«أهالي كَوِينين».. ميلاد ثقافي في وادي النور
نوال يتيم كاتبة وشاعرة ـ الجزائر

إن الفعل الثقافي المحكوم بالتحول، والمشروط بالتغير ضمن جنس ما لا يمكن تسميته بالفعل الثقافي إلا بالمعنى الذي ينتجه عصره، وينخرط في أحداثه، ويتواصل مع تاريخه، ويؤسِّس لمستقبله، وجوده ضرورة لاكتمال البناء الجمالي للمجتمع، فيعبر عنه ويؤلف لروح مجتمعيَّة مترابطة.

لذلك ظهرت الحركات الباحثة في التراث محاولة إغناء الساحة، فما كان من أبناء مدينة كوينين بالوادي الجزائرية إلا أن يلتفّوا بحركية فاعلة تؤسس لرافد ثقافي للمدينة من خلال تفاعلهم الشامل بالتعبير عن انتمائهم لمدينتهم، انطلق بصفحات إلكترونية متجهاً إلى تشكيل هيئة بمساعٍ فردية متكاتفة تسهم في الحراك الثقافي، وتعد نخبة باحثة تعمل على تنامي الوعي النوعي بأهمية دور الشباب بطاقاتهم، فاجتمعوا على مذهب واحد برغم تباعد المسافات وشكَّلوا هيئة بصيغة مجلس بحثي يسعى بكثير من الجهد إلى تأكيد العلاقة بين التحولات ومسيرة التنمية في المجتمع، فلم يكن لأحد وصاية عليهم ولا ينتمون لمؤسسة رسمية وكانت كل خططهم تبدأ من كوينين وتنتهي إليها، مدينتهم التي ضربت أطنابها في التاريخ لتعيد مجداً تليداً لأصحابها الذين يدعمون النشاطات بكثير من الجهد والسعي لتقديم الثراء المعرفي والثقافي بتنوعه في الوادي ثم الجزائر ثم العالم أجمع، وقد عرفت كوينين نشاطات ثقافية على مستوى دولي جمعت حولها عشاق الشعر والأدب في تظاهرات عديدة لندوات محمد العيد آل خليفة.


لذلك أقرَّت الخطة المحدثة لشبابها تحويل الأفكار إلى حقيقة، والافتراض إلى واقع، وما كان مجموعة إلكترونية، يتحول إلى نهضة بالتراث واستقراء للمستقبل من خلال البحث في التاريخ.


فحملت المجموعة قلقاً ثقافياً بهمّة من أراد الثريا، وسلكت سبيل الباحثين برجال ثقاة تولوا مسؤولية ومشروعاً تنموياً يتجاوب مع طموحات عظيمة لفئة قليلة ستغلب الظروف القاهرة بحول الله.

ولم تكن الحركة الثقافية في مدينة كوينين وليدة لحظة بل نتاج فكر تأسيسي وعملية إنتاج للقيم الإنسانية الموروثة عن أجيال حاربت المستعمر وألَّفت وكتبت وتاجرت وصنعت مدينة يجب الحفاظ على نضارتها، فجاءت اللجنة المسؤولة عن البحث في التراث التي انطلقت أشغالها بخطة ممنهجة منذ أول رمضان فقط، بل هي عبارة عن خطوات تمتد جذورها إلى ظواهر ثقافية تشابكت وتفاعلت عبر علاقة الإنسان بها بطبيعته عبر تاريخ ثري بالأحداث والشخصيات.

وانطلاقاً من أن غاية كل فرد تجاه مدينته تتمثل في الاستجابة للفرصة المتاحة للتعبير عن ذات الجماعة لاجتياز جميع مراحل البناء التكويني لمنظومة تستجيب بشكل منظم للتاريخ فتدونه، وتبحث فيه، وتؤهل الأجيال الحديثة لمعرفة ماضيها والتأهب لمستقبلها، نشأت مجموعة أهالي كوينين وتشكَّلت منها هيئة فاعلة تتخذ من الماضي زاوية نظر مختلفة ترسم بها أسلوب حياة تتشبث بالأصل في مشروع بحثي تقوم به طاقات شابة تتكون من: إسماعيل الدونة وفارس دية مع لجنة تعزز الانتماء تتشكل من: د. عبد الرزاق فروي، ود. لسعد سعدوني، وناصر سوسة، وأحمد بلعبيدي، ليعززوا بعمل جماعي طاقات الشباب ويحتضنوا جميعاً فكرة «كوينين الحضارة» في إطار السعي للتكامل بين جيلين، يؤكدان معاً أن ثقافة اليوم هي استمرار لثقافة الأمس، وهوية مجتمع يغوص في تراثه وتنوعه البنيوي الشكلي والمضموني الشامل.

هيئة سخَّرت وقتها وطاقاتها للنظر في مدينة أثبت التاريخ بصمتها، لتؤكد أن كوينين تمتلك إرثاً فنياً وثقافياً مهماً، لعل أكثر صوره وضوحاً وحضوراً على ساحة المجتمع هو ما توارثته عائلاتها من أمجاد أسلافهم .

لجنة أهالي كوينين تتجاوز أسبوعها الأول بإيمان عميق بقضية التزام باستحضار جوهر المدينة بأفضل الكفاءات التي تستقرأ الماضي، حفاظاً على الحاضر وبناءً للمستقبل.