السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

استقالتي من قناة «الجزيرة».. يوم لا أنساه

استقالتي من قناة «الجزيرة».. يوم لا أنساه

حجاج سلامة صحفي ـ مصر

ما أزال أذكر صبيحة يوم الثامن من شهر يوليو عام 2013، حين أعلنت استقالتي من العمل بشبكة قنوات الجزيرة القطرية، كأول مراسل مصري يعلن استقالته، احتجاجاً على سياسات الشبكة التي خالفت كل القواعد المهنية، وسعيها لشق الصف وبث الفرقة بين الأشقاء العرب، وبين أبناء الوطن الواحد.

يومها كنت أتابع نشرات الأخبار بعدد من القنوات الإخبارية الدولية، ولحظتها استفزتني تغطية قناة الجزيرة لما يسمى إعلامياً بـ«أحداث الحرس الجمهوري»، حينها زعمت الجزيرة مقتل وإصابة المئات جراء قيام قوات الأمن بإطلاق النار عليهم لحظة أدائهم لصلاة الفجر، وذلك على غير الحقيقة، في محاولة لبث الفتنة بين جموع المصريين، وعنوان الخبر ونصه كانا بعيدَين كل البعد عن المهنية والحياد، فلا حدد عدد قتلى ولا عدد مصابين بحسب ما زعم كاتب الخبر، واكتفى بالقول مئات القتلى والجرحى، في واحدة من مئات السقطات المهنية لتلك القناة، وبقية القنوات التابعة لها.

تغطية الجزيرة وقتها لمثل ذلك الخبر وغيره من الأخبار، استفزتنى كثيراً، وكانت جرعة السموم التي حواها ذلك الخبر كافية لحزم أمري، ودافعاً لأعلن وعلى الهواء استقالتي من العمل بشبكة قنوات الجزيرة التي كنت أعمل بها منذ عام 2003، وهي الاستقالة التي كانت الأولى على الهواء، وتبعتها قرابة 21 استقالة من معدي ومراسلي القناة.

وقادني التفكير في الاستقالة إلى الاستعانة بالزميلة «رانيا عبدالعاطي» في صحيفة الأهرام، التي نصحتني بأن أستعين بالكاتبة الصحفية الدكتورة «فاطمة سيد أحمد»، لمساعدتي في الوصول إلى منصة فضائية أعلن من خلالها خبر استقالتي، وأعلن فيها تفاصيل ما لدي من معلومات موثقة تفضح سياسة القناة المضللة وغير المهنية، ومدى انحيازها لجماعة الإخوان.

وعلى الفور أجريت اتصالاً بالدكتورة فاطمة سيد أحمد، التي قالت لي: «حتعملها ياحجاج حتشترى بلدك» فقلت لها: «نعم سأعلن استقالتي وسأقول كل شيء»، وانتهت المكالمة بأن أسرة الإعداد في برنامج صباح دريم على قناة دريم، سوف يتصلون بى لاستضافتى عبر الهاتف وإعلان خبر استقالتي.

وبالفعل لم يمضِ وقت طويل حتى تلقيت اتصالاً هاتفياً من القناة، ودخلت على الهواء وأعلنت استقالتي التي كانت الأولى من بين المراسلين والمذيعين في شبكة قنوات الجزيرة بمصر.

وقتها قلت وعلى الهواء: «أعلن استقالتي من العمل بشبكة قنوات الجزيرة، وذلك لعدم حيادها ومحاولة إشعال الفتن داخل مصر، حيث كانت تعطي تعليمات لنشر أخبار معينة وتتجاهل أخبار القوى المدنية والتظاهرات المؤدية للدولة والرافضة لجماعة الإخوان، وتهتم بأخبار الإخوان المسلمين.. ولأنها غير حيادية وتعمل لتخريب مصر».

وقلت أيضاً: إنني شعرت بذلك في الأحداث التي أعقبت تفجر ثورة 30 يونيو، حيث حرصت القناة على إظهار مظاهرات وفيديوهات التيارات الإسلامية فقط، دون النظر إلى المظاهرات الأخرى التي يقوم بها الثوار والقوى المدنية، وأن هناك كثيراً من العاملين بالقناة أخبروه أن هناك توجيهات بالعمل لمصلحة الإخوان، وقلت يومها أيضاً، سأشتري بلدي وكرامتي ولن أتعامل مع الجزيرة.

وما تزال الاستقالات تتواصل في شبكة قنوات الجزيرة القطرية حتى اليوم، كما أنه ما يزال الشرفاء من الإعلاميين يواصلون رفضهم لسياسات قطر وأميرها، برغم كل الإغراءات المادية، وما تزال فضائح الجزيرة المدوية وأكاذيب قطر وحكامها متواصلة.

إن كل ما يحدث في قطر والجزيرة يؤكد على شيء واحد هو أن حكام قطر وقنوات الجزيرة ليست فقط داعمة لجماعة الإخوان، بل لقد تأخون حُكام قطر وتأخونت الجزيرة، وهي الآن تتحدث باسم الإخوان.

ويظل يوم الاستقالة من شبكة قنوات الجزيرة باقياً في الذاكرة ما حييت.