الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

فقاعات حبر.. وذكرى حنين

فقاعات حبر.. وذكرى حنين
مريم الشكيلية كاتبة ـ عُمان

اخلع نعليك عندما تطأ عيناك سطر قصيدتي، فأنتَ في محراب نبض يتنفس حديثك وحبري.. تُرَى من أخبرك أنني بكامل قواي منذ رحيلك الماثل للحنين؟ فمنذ أن تصدّر رحيلك قائمة حزني لم أقو على مجالسة حروفي.. ومنذ أن ذبلت ملامحك أخذ الغياب يغلق حقائبه ويحجبك عن مسار قلمي.

لم أكن بتلك القوة التي تعرفها حين كنت أحدثك عن فرحي بك، ولم أكن بذاك الهدوء حين كنت أكتبك بأبجدية تليق بنبضك، لقد كان الارتباك يهوي بي من سفوح أبياتي، وكنت أتبعثر كخريف الورق الأصفر من فوق رفوف الكتب.


أردتك وحدك بكل هزائمك وانكساراتك، بكل كبريائك وصمودك.. أردت تقيد كل أسماء الأمكنة بخيوط مفرداتك..


ربما لن ألتقيك في شوارع المدن المكتظة بضجيج المسافات.. ربما لن نلتقي حتى عند منعطف حرف.. فكلما تقلصت مسافات أحاديثنا تتوسع فجوة صمتنا، وكلما تراكم الشعور في صدر قصائدي أحدث جفاؤك اهتزازاً وتصدعات في دقائق وقتي.

الأزمنة القديمة تذكرني بك، وكذا حفيف الأشجار، ومظلات المطر، وضوء موسيقى الخيال، لذلك أجدني كلما حدثتك أتسلق زمنك الهارب من أزمنة الزحام.. أجدني دائماً أتشبث برومانسية محطات القطارات وأدخنة المدن والشرفات الخالية من بريد الرسائل.

كلما عبرتك أحسست بوخز الإبر على مسام ورقي، وكأنك مرسوم بوشم الخلود في أعماق سطر.

هناك غيابات لا عودة بعدها ولا تبررها الأعذار.. غيابات لا يأتي الصفح بعدها إلا عندما تتساقط الأحمال المتراكمة، لذلك كلما أيقنت يوماً أنك نفذت من ذاكرتي يأتي بك الحنين على سجادة الورق كسيد يمشي بالأناقة الآسرة.

افتتاني بك في اللحظة التي تعبر بها مدارات قلمي لا قلبي، فاخلع نعليك عندما تطأ عيناك سطر قصيدتي.