الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

الرأسمالية.. والخرائط الثقافية

الرأسمالية.. والخرائط الثقافية
رامي عبدالله شاعر وباحث في مجال القيادة ـ الأردن

أدركت الرأسمالية منذ نشأتها بأن المعرقل الأساسي لانتشارها هو الزاد الثقافي للشعوب، الذي يتحكم في دافعيتها نحو السلع والمنتجات الرأسمالية، لذلك حرصت كل الشركات بأن تفهم الخرائط الثقافية لدول العالم حتى تتمكن من العبث بها لتسويق منتجاتها، وزيادة شراهة التسوق.

فمثلاً كيف يمكن أن تبيع شركات الملابس ذو اللكنة الرأسمالية سنة 1940 «بنطال الجينز» في مقاطعة أتربرديش الهندية، التي يفتخر رجالها ونسائها بملابسهم التقليدية منذ مئات السنين دون العبث بالخارطة الثقافية في ذلك المجتمع؟ وكيف سيقتنع ابن مدينة إربد الأردنية أن يشتري «البيتزا» و«الهمبرغر» في خمسينيات القرن الماضي وهو المتعلق برائحة فرن «الطابون الأردني» العريق الذي أنتجته بيئته وأيدي أجداده؟


ومن هذا المنطلق، كانت الأدوات الرأسمالية حاضرة بكافة أشكالها وقنواتها و«مصائدها» المتمثلة في السينما والإعلام، وبيع المنتجات والماركات على أجساد الفنانين، الذين أصبحوا قدوات لكافة المتسوقين في هذا الكوكب.


وقد استطاعت الرأسمالية إقناع العالم بأن منتجاتها هي الأفضل والأرقى، وأن من يمتلكها هو الذي يمتلك سمات الرفاهية والتمدن، وكل من يتأخر عنها فهو رجعي بدائي، ولكن هذا التنميط خطر جداً لدرجة «الدمار» في الدول التي لم تدرك اللعبة الرأسمالية.

إن الدول الذكية هي تلك التي أدركت، سريعاً، كيفية العودة إلى رأس مالها الثقافي وإنتاج منتجات تكون منافسة في السوق الرأسمالية بحيث تكون هي سيدة الموقف.

علينا في الوطن العربي، أن ندرك قوة رأس مالنا الثقافي الذي نقف أمامه بين خيارَين، وهما: إما استغلاله وتحويله إلى منتجات اقتصاديه، أو إهماله وتركه عرضة للاختراق، وإتاحة الفرصة لاقتصادات أخرى من التلاعب به، لخلق بيئات حاضنة لمنتجاتها، وذلك ما تريده الرأسمالية اليوم من خلال العولمة.