الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

زيف التسويق.. وهوس التقليد

زيف التسويق.. وهوس التقليد
رنا سعادة أستاذة لغة عربية ـ الأردن

تسعى كثير من النساء لاقتناء «الماركات» العالمية، وإدخالها في تفاصيل حياتهن، إلى درجة أن الحكم على الآخرين بات مرتبطاً بهذا الأمر.

ومن المثير للعجب أن هذا الأمر أصبح هوس الطبقة العادية أو المتوسطة، التي تكسب قوتها من الرواتب الشهرية والأجور المرتبطة بالوظيفة.. ترى ما الدافع وراء هذا اللهاث على اقتناء تلك الماركات حتى وإن كانت، مزيفة، (تقليداً للأصل)؟


يصحب السؤال السابق بأسئلة أخرى، من مثل: هل هو الرقي أو التميز؟، أم أن الأمر يتعلق بلفت النظر والظهور؟ أم أنه تعويض نقص لدى بعض ممن يجرون وراء المظاهر، سيَّما أبناء الطبقة المتوسطة؟


قد تأتي الإجابة على النحو الآتي: لعل الأمر رائج بسبب فكرة التزييف السائغة في المجتمعات العصرية، فالتزييف أمر يجعل الأشياء تبدو على غير ما هي عليه في حقيقة الأمر، والتسويق الإعلامي نوع محترف من التزييف.

يضاف إلى ذلك سهولة نشر وتسويق تلك الماركات من خلال تكرار اقتنائها ورؤيتها أو حتى وجودها في السوق، فلا يضير لصاحب الماركة أن تنتشر النسخ المقلدة من منتجه، لأنها في النهاية تسويق لبضاعته حتى في صفوف الطبقات الأقل ثراءً، وإن كان سبب رواجها الخداع أو إكساب الثقة للمُقتني أو حب الظهور عند الشرائح الأقل حالاً في المجتمع.

ومن وجهة النظر العامة، فإن الأمر لا يتوقف عند ذلك، إذْ أصبح كذبة تسويقية ترويجية في الظاهر ولكنه على المستوى العميق نوع سيئ من النبذ الاجتماعي، والتصنيف المجتمعي، الذي يكون مصدره الشريحة الأقل ثراء، لتحكم على أبناء جنسها وأفراد مستواها الاجتماعي فتعيد تصنيفهم من جديد وبشكل جائر وأكثر خطورة.

إنه شعور بالتصنيف والطبقية حتى داخل الفئات المنتمية لمستوى اجتماعي واحد.