الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الدب الروسي.. واليرابيع الإفريقية

الدب الروسي.. واليرابيع الإفريقية
محمد سعدي كاتب ومحامٍ ـ الجزائر

في ظل التحولات السوسيوـ استراتيجية العالمية الجديدة والمتسارعة، التي نراها اليوم في ليبيا، حيث توجد القوى العظمى عسكرياً هناك، من أجل اقتسام النفوذ بجميع أنواعه في المنطقة، تحرك ضابطان ماليَّان في ريعان شبابهما، قادمَين للتو من روسيا، ليُطيحا، مع رفاقهما، بالرئيس المالي خلال ساعات، ويجدان حاضنة شعبية كبيرة من كل الفئات بمن في ذلك المعارضة المالية، وهما: مالك دياو، وساديو كامارا، اللذان يُعتقد أنهما مهندسا الانقلاب، وسبق لهما أن قضيا عاماً في الكلية العسكرية العليا في موسكو.

قادة الانقلاب أو التصحيح، لم يجدوا آذاناً مصغية من دول الاتحاد الإفريقي ككل، التي أجمعت على التنديد بما سمته الانقلاب العسكري تماشياً وتناغماً مع (صراخ باريس) كالعادة، بل إن الجزائر الأقرب لمالي ظلت مواقفها باهته وغير واضحة، ومتناغمة مع دول الاتحاد الإفريقي وفرنسا.


المثير في الأمر هو إعلان قادة الانقلاب، صراحة، بأن الجيش المالي لا علاقة له بالجيش الفرنسي الموجود في بلادهم، وأنه قد تم التواصل مع الدب الروسي لاستضافته على أرض مالي، وهكذا ينتقل الصراع على المصالح والنفوذ بين روسيا وفرنسا من ليبيا إلى مالي، بل إلى إفريقيا ككل.


يحدث ذلك في ظل غياب تام لكل اليرابيع الإفريقية، التي لم تخرج من جحورها بعد، وعلى رأسها الجزائر، رغم أنها مؤهلة للعب كل الأدوار في مالي، الآن بالذات، بحكم عوامل كثيرة ولكن تنقصها الإرادة السياسية، مع أن الأصوات المرفوعة في مالي الآن تدعو إلى عودة إفريقيا للأفارقة، وهو الشعار الذي رفعه ومات من أجله الملك النوميدي الجزائري «يوغرطا» منذ 150سنة قبل الميلاد في مواجهة روما الاستعمارية، وعمل الرئيس هواري بومدين على إعادة بعثه في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.