السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

بدلاً من الهرب بتعاسة 100عام

بدلاً من الهرب بتعاسة 100عام
حبيبة عوض طالبة جامعية ـ الإمارات

توقف عن النظر إلى الطفيلي الذي يعيش على يديك، يتغذى من أفكارك ويبدلها أفكاراً أخرى.. يغير في شخصك وينقل لك أبهى صورة عن كل شيء.. هل تتنفس جيداً؟ اترك هاتفك وتنفس بعمق.. مرة أخرى حدِّث نفسك في المرآة، ليس لتفقُّد شيء في وجهك أو طعام عالق بين أسنانك، بل لتبتسم في وجهك وتحدث ذاتك بسؤال هو: متى آخر مرة شعرت فيها بالحياة؟ أيها الإنسان الجميل لقد خُلقت لتحيا، فلمَ تمنع روحك من التحليق؟ ليست الحياة عبر شاشة بل الحياة ما تشعر وترى بعينيك.. الحياة بقلبك في هدوء وحديث مع النفس عن مختلف الأمور وكأنك لا تعرفك.. فلتحكِ وتتذكر لترى بعينيك وفكرك أن ما هو أمامك أهم بكثير مما هو خلفك، ربما هاتفك هو وسيلة للهروب من الواقع.

أفهم مدى رعب التفكير الزائد في الأمور، وكم هي مرعبة فكرة أن كل ما تهرب منه ينتظرك في آخر المطاف.


أن كل شخص أبعدته عنك أو قرَّر هو التخلي عنك أو ساد الملل بينكما قد تراه يوماً ما صدفة، أو.. مثلاً: فكرة أن من يحبك سيكرهك أو أنك ستحب من تكره وتكره من تحب.. مخيفة هي فكرة تقلب المشاعر، مهيبة فكرة أنك قد تموت قبل أن تنهي هذه الجملة أو تعيش 100 عام.


مفزع أنك تفهم غيرك حين لا يمكنك حتى توقع تصرفاتك أنت.. أن تنتقل من يوم إلى آخر بلا هدف تسعى إليه مجرد شروق وغروب.

احتمالية أنك قد اخترت الطريق الخاطئ وأنت متأكد أنك على صواب أو ربما تعلم أنك مخطئ وتتجاهل، وتعلم أن ذاتك المستقبلية تمقت اختياراتك.. أن يُغلق متجرك المفضل أو تتوقف فرقتك المفضلة عن الغناء. إن الطفل الصغير سيكبر، وربما، لن يتذكر من أنت، قبيحة هي الأفكار، وكثيرة بشكل مرهق، توقف عن التفكير الزائد.. توقف عن الهرب وتنفس.. انظر إلى المرآة! ما هو معيار الجمال لديك! هل تعلم أن الفراشة لا ترى ألوانها ولا تدري كم هي جميلة! نحن فقط نرى روعة ألوانها.. عليك إذن أن تُصدق من يمدحك، فأنت لا تعرف بأيِّ عين يراك.

بشعة هي «ماذا لو؟»، الشك كالمسدس بلا رصاص، كل شيء جاهز للجواب لكل ما يجول في فضاء رأسك.. كل الاعترافات بخطايا وأخطاء الماضي.. التشبيهات ونبرة الصوت.. مواضع السكون وإيماءات اليد، اختلاف التفكير.. كل ما عليك هو أن تتوقف عن الهرب من الواقع وتواجه الحياة.

الهرب من الواقع لواقع افتراضي أجمل لا يجعل الأمور أفضل، ما يحدث خلف الشاشات هو المهم.. حياتك على مواقع التواصل، وعدد متابعيك، لا يعني أن لديك حياة حقيقية في العالم الواقعي.. أنت شاسع بحجم المجرات، في صدرك عالم كبير تحمله معك ينتظر فقط أن تكتشفه.

أنت تستحق منك بعض الوقت والتسامح والحب، فلجسدك عليك حق رغم أنه ضئيل ولا يعكس حقيقتك، الرياح بالخارج تصرخ في أوراق الشجر تدعوك للتوقف والتنفس والاستماع لها.. ربما لست جيداً في التعبير عن مشاعرك، ليس لأنك لا تشعر أو لأنك ميت من الداخل كما تزعم، بل لصدقك، لأنك لا تملك حروفاً وكلمات لتعبر عن حقيقة ما تشعر به.

أرجوك.. توقف عن تصديق ما تراه، فقلبك هو شاشتك، لا تشك أبداً في قدراتك، خذ إجازة من مواقع التواصل لتحصل على حياة أنت مصدر سعادتك فيها.. صافح ذاتك، وخذ عهداً ببدء صفحة جديدة واسعَ للحظة سعادة تشعر فيها بالحياة بدلاً من الهرب بتعاسة وبؤس 100عام.