السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الناتو.. والانسحابات «الترامبية»

الناتو.. والانسحابات «الترامبية»
مأمون كيوان كاتب وباحث ـ سوريا

لا شك أن الثقل الأمريكي في كفة ميزان القوة داخل «الناتو» قد عرضه لهزات متكررة هددت بانقسامه، أبرزها انسحاب فرنسا بزعامة شارل ديغول منه عام 1966، اعتراضاً على رفض الحلف آنذاك لطرح فرنسي لمشروع قيادة ثلاثية للناتو، تتقاسمها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة بالتساوي، في محاولة للخروج بالأطلسي من قبضة أمريكية تُغيّب دوراً أوروبياً بارزاً فيه، وفي عام 2009 قرر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عودة فرنسا لقيادة حلف الناتو.

من جهة أخرى ثمة مخاوف من احتمال خروج المملكة المتحدة من حلف «الناتو»، وقد تشكل قوة الرد السريع الأوروبية النواة الرئيسية لجيش أوروبي موحد، يدافع عن البيت الأوروبي الموحد، ويستجيب لتداعيات انسحاب الولايات المتحدة وغيرها من الدول غير الأوروبية من حلف استثمرته واشنطن في خدمة أمنها القومي ومصالحها الحيوية.


ولا شك أن أي اتحاد عسكري مستقل من قِبل أوروبا سيضعف حلف الناتو، ويقلل من اعتماد أوروبا على الولايات المتحدة، من وجهة النظر هذه ستستفيد أوروبا، لأن مصالحها غالباً ما تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة في العديد من القضايا، على سبيل المثال، تجد أوروبا نفسها مجبرة على دعم الولايات المتحدة في أفغانستان أو العراق، رغم أنها لا تمثل أي مصلحة أوروبية منظورة، كما أن الانسحاب الأمريكي من شأنه دفع ألمانيا وبعض دول أوروبا إلى التقرب نحو موسكو، بينما ستحاول بولندا الاستفادة من أي تخفيضات في عدد القوات في ألمانيا.


ويصح اعتبار الانسحابات الترامبية الملوح بها، نمطاً من أنماط الابتزاز السياسي أو المالي للحلفاء والأصدقاء والأعداء معاً، لكنها في جوهرها إن تحققت ستمثل انسحابات جيوسياسية تعكس محاولات ترامب لتكريس استراتيجية «أمريكا أولاً»، التي تتطلب إعادة حسابات جميع الفرقاء، ستتواصل وتثمر حال فوزه بولاية رئاسية ثانية.