الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

المشروع العربي.. النهاية والبديل

المشروع العربي.. النهاية والبديل
محمد سعدي كاتب ومحامٍ ـ الجزائر

عاشت الجغرافيا العربية خلال مرحلة عشرينيات القرن الماضي مرحلة النهضة الفكرية ومحاولة الخروج عن «أدبيات القبور»، و«الماورائيات الخرافية»، التي سادت لقرون من خلال المرحلة العثمانية، التي اعتمدت في تحكّمها للشعوب العربية على التجهيل الفكري، وإبعادها عن العالم الخارجي، ومنها المتغيرات التي حدثت في أوروبا بعد خروجها من عهود الظلام، والدخول في مرحلة الثورة الفكرية والصناعية.

لقد تزامنت النهضة الفكرية العربية لاحقاً مع النهضة التحررية والاستقلالية، والخروج من تحت عباءة الاستعمار الغربي، ودخلت بعدها الجغرافيا العربية في مرحلة إعادة بناء الذات في ظل أنظمة الاستقلال الوطنية، التي ظلت تتخبّط بحثاً عن وسيلة للعودة إلى الفعل الحضاري التاريخي، دون مشاريع حضارية واضحة متوسطة وبعيدة المدى ودون اعتماد على الطاقات الفكرية الوطنية المتوفرة رغم قلتها، مع تقزيم غالبيتها إلا ما ندر وقل.


الملاحظ أن تلك الأنظمة جعلت المثقف مجرد آلة مُسيَّرة، وتوالت السنون وتعاقبت معها النكبات وغاب الجيل الأول من المفكرين والمحررين الاستقلاليين حكاماً ومحكومين، ولم تتم بلورة المشروع النهضوي العربي بلورة واضحة على المستوى الجماعي أو على المستوى الفردي، ودخلت طحالب فكرية من هنا وهناك فأفسدت البذر والزرع، وأصبح التطحلُب الفكري والحضاري غالبَين على ساحة الجغرافيا العربية.


وهكذا وصل المشروع الحضاري النهضوي العربي إلى نهايته، وأظن أن الحل الآن يكمن في طرح مشروع بديل مبني على اللغة والجغرافيا والمصالح الاقتصادية مع التخلي عن الشوفانية والنرجسية.