الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الأيديولوجيا.. ويقظة الضمير

الأيديولوجيا.. ويقظة الضمير
ليث نالبانديان كاتب عراقي مقيم في فرنسا

بعد تفشي الفوضى الأيديولوجية تشوّهت الحقائق كلها، وأضحى الإنسان في مفترق طرق، يصعب عليه التمييز والعبور إلى ضفة آمنة، إذ أُنهك بسياسات فكرية عديدة تتقاطع وتتناحر فيما بينها مفرّقة الناس إلى جماعات تنضوي تحت أيديولوجيات العالم باقتناع أم بغيره، هكذا يقف المرء مستسلماً أمام المد الآتي، مجبراً إياه على تقديم الولاءات لجهة ترنو إلى تحقيق مكاسب ذاتية الأولوية، متظاهرة بالمصلحة العامة، ومنادية بقضايا الشعوب المصيرية.

يُعد ما سبق، الخطر الحقيقي للأيديولوجيا الكامن في خبثها الفكري، الذي يدسّ السموم ويخطّط إلى خلق تبعية فكرية تؤسس لجماهير تمنح الولاءات صكوكاً على بياض لمنظريها وقادتها، فكيف يستنير المرء، ويعي المعيار النظيف للحقيقة في زوبعة الأكاذيب والقيم المغلوطة والضبابية المتلبّسة في ثياب العقائد الفكرانية الهدامة؟


على الإنسان أن يجرّد فكره من عقدة الانتماءات التي تلعب عليها الأيديولوجيات عاطفياً، فصار من المعروف لدى المتنوّرين أن الأيديولوجيات منذ أن أبصرت النور، لعبت على الأوتار الدينية، المذهبية، الطائفية، الإثنية والعرقية.. إلخ.


هكذا بالتجرد من عاطفة الانتماءات، سيفسح المجال للفرد بأن يفكر بطريقة حرة في عز المعمعة الفكرية والتبريرات الجدلية، بعيداً عن الحس الانحيازي الذي يرى فقط ما يصطبغ بلونه ويرتدي حلّته، بهذا يرفض الإنسان أن يكون فريسة من فرائس الأيديولوجيات الفتاكة التي تتطفل وتعتاش على عواطف الناس وسذاجتهم دونما رحمة، فلا بدّ من أن يسخّر الإنسان ضميره الأخلاقي معياراً حقيقياً أوحد لقراءة الواقع وما يدور من حوله، فيضع عاطفته جانباً ويستنير بعقلانية نقية لتنتصر يقظة الضمير الحي.