السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

البعد الثقافي للحروب التكنولوجية

البعد الثقافي للحروب التكنولوجية
عبدالله العولقي كاتب ـ السعودية

قرأت ذات مرة لأحد الكتاب، وهو ينتقد البروفيسور «فرانسيس فوكوياما» باعتباره لا يزال أسيراً للمدرسة الكلاسيكية، ونظرتها للحرب الباردة، والذي يرى أن توازنات القوى النووية للدول العظمى تمنع قيام أي حرب نووية، مُتجاهلاً أن نزاعات اليوم تتأجج بشراسة بين الدول والحكومات حول فضاءات فسيحة تسمى بالصراعات السيبرانية.

فلو تحدثنا عن فضاء التقنية وأبعاده الثقافية في الوطن العربي، لوجدنا أننا لا نزال أسرى للتوجهات الغربية، ولم نستطع خلق حالة ثقافية عربية في الفضاء التقني العالمي، فشركات التقنية الرائدة التي استطاعت أن تواكب العصرنة التقنية في الغرب تلاشت بسبب استحواذ الشركات الأمريكية عليها، فموقع سوق كوم الشهير أو تطبيق التوصيل الشهير (كريم)،على الرغم من نجاحهما الكبير في الأسواق العربية، إلا أنهما لم يستطيعا الصمود أمام إغراءات الشراء الغربية.


اليوم يشهد العالم صراعاً تقنياً محموماً بين الولايات المتحدة والصين، صحيح أن جوهر الصراع يكمن حول مخاطر الأمن القومي ولكن هناك مخاوف تتعلق بالأثر الثقافي لا سيما من الجانب الأمريكي، فعندما نجح الأمريكان في تسويق الثقافة الأمريكية في بلدان الشرق الآسيوي كاليابان وكوريا الجنوبية والفلبين إبان الحرب الباردة، ظلت الصين عصيّة تقريباً على تقبل هذه الثقافة الوافدة، ومن جهة أخرى، ظل الصينيون المقيمون في الولايات المتحدة منعزلين في أحياء سكنية مخصصة في كل ولاية.


لقد ظلت الثقافة الصينية عصية على الذوبان في المجتمع الأمريكي، ما حدا بالأمريكان في مواجهتهم لهذا التعنت الصيني إلى استعمال أسلحة القوة الناعمة كسينما هوليوود مثلاً، والتي صورت الثقافة الصينية في المجتمع الأمريكي بنمطية سلبية كالإجرام وعصابات المخدرات وغسيل الأموال كتوجيه ثقافي للرأي العام الأمريكي ضد التعنت الصيني، أو باستعمال الكتائب الإلكترونية وموجِهاتها الثقافية على منصات التواصل الاجتماعي.