الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كرم الشيخ زايد.. ميراث عربي ومعين لا ينضب

كرم الشيخ زايد.. ميراث عربي ومعين لا ينضب
ياسر محمد عطية الرئيس السابق بنيابة استئناف ـــ أبوظبي

كان العرب يتباهون بالكَرَم والجُود والسَّخاء، ورفعوا مِن مكانة الكَرَم، وكانوا يصفون بالكَرَم عظماء القوم، واشتهر بعض العرب بهذه الصِّفة الحميدة حتى صار مضرباً للمثل، ومِن أولئك الذين اشتهروا بفيض كرمهم وسخاء نفوسهم أكرم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.

وفي العصر الجاهلي حمل لواء الكرم حاتم الطائي، وفي العصر العباسي كان الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي وزير هارون الرشيد وحامل خاتم السلطة وأحد قادة و وزراء الدولة العباسية مضرب المثل في الكرم، وله قصة مشهورة مع أعرابي قابله عند ما خرج إلى الصيد والقنص وأجزل له العطاء، فأخذ الأعرابي المال وانصرف. وهو يبكي فقال له الفضل:


ـــ مِمَّ بكاؤك يا أعرابي. أاستقلالاً للمال الذي أعطيناك؟.


قال الأعرابي:

ـــ لا، ولكني أبكي على مثلك يأكله التراب، وتواريه الأرض، ويذكر فيه قول الشاعر:

لعمرك ما الرزية فقد مال ولا فرس يموت ولا بعير

ولكن الرزية فقد حر

يموت لموته خلق كثير

ويعدُّ من أجدر من حمل لواء الكرم والجود والسماحة والعطاء في عصرنا الحالي ومضرب المثل هو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فقد كان مثلاً يحتذى به في الجود والعطاء والكرم، إذْ قبل أن يمتد عطاؤه، كان لأبناء الإمارات نصيب وافر منه، فعند توليه حكم أبوظبي تسلم الشيخ زايد أول تقرير شامل عن الأوضاع المالية لأبوظبي، وقام بمنحهم مبالغ تكفي لحياة كريمة، وقد خلفه من بعده أبناؤه أطال الله في أعمارهم.

ويذكر للشيخ زايد، أنه في منتصف سبعينات القرن الماضي، كان يضع مليارات الدولارات بتصرف المنظمات الخيرية العالمية المعنية بالمساعدات الإنسانية، الأمر الذي وضع دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة الدول المساهمة في ميزانيات هذه المنظمات الدولية.

وكانت الإمارات عضواً بارزاً في «صندوق أبوظبي للتنمية الاقتصادية العربية»، الذي أنشئ لتمويل مشروعات التنمية في البلدان العربية عام 1973، برأسمال 1.5 مليار دولار، وقد كان المؤسسة الإماراتية الرئيسية المعلن عنها لتقديم المساعدات، وتوسع عمل الصندوق بعد تأسيسه، فتبنى مشروعات في إفريقيا وآسيا، ورفع الشيخ زايد رأس مال الصندوق ليصل 4.4 مليارات دولار، وبذلك تمكن الصندوق من زيادة وتيرة نشاطه، فقدم الهبات والقروض الميسرة، التي توزعت على أكثر من 50 مشروعاً بين عامي 1974 و1975 على مستوى الوطن العربي وقارتي آسيا وإفريقيا.

ثم تأسست هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في 31 يناير من عام 1983، كهيئة إنسانية تطوعية تساند السلطات الرسمية في الحرب والسلم، بينما حصلت على الاعتراف الدولي كأحد أعضاء الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر في 27 أغسطس عام 1986، وفي عام 2001، تم اختيار الهلال الأحمر الإماراتي كثاني أفضل هيئة إنسانية على مستوى قارة آسيا، لما قام به من دور فاعل في إغاثة العديد من الدول المنكوبة جرّاء الحوادث والكوارث الطبيعية، وأسهم بحيادٍ تام في إغاثة ضحايا الحروب في شتى أنحاء العالم، وشملت توزيع المواد الغذائية والأغطية وكسوة الملابس للأطفال والكبار، كما كان لحملاته ـ ولا يزال ـ دور في مساعد المحتاجين في أوقات السلم، تترجم في العديد من الفعاليات الخيرية والأنشطة الإغاثية،

لقد كان الشيخ زايد ـ رحمه الله ـ موصول العطاء لكل محتاج، وله بصماته حول العالم، وبقي عطاؤه معيناً لا ينضب حتى وفاته بفضل أبنائه، حفظهم الله، ومن خلال المؤسسات التي قام بإنشائها، ولم يفرق فيها بين وافد ومواطن.

حفظ الله الإمارات راية خفاقة للخير في أنحاء العالم وغفر الله لمؤسس الدولة.. حكيم العرب.