الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

التطرف.. وتجييش الشعوب

التطرف.. وتجييش الشعوب
ليث نالبانديان كاتب عراقي مقيم في فرنسا

لا يختلف اثنان على أن الإساءة للأديان، فعل مرفوض ـ جملة وتفصيلاً ـ لما يحمل من طابع حسّاس لدى الأتباع، فهو يجرح المشاعر، ويترك أثراً في النفوس التي تقدّس أنبياءها وتخصّهم بعظيم الوقار على مر الزمان، لكن الإنسانية في المقابل، تحتّم أن تواجه الإساءة ـ من الأتباع ـ بأسلوب متحضّر عبر الحوار والقانون، لا بضرب الأعناق وتعميم الفعل على الجميع.

فبعد الهجمات التي ضربت مؤخراً القارّة العجوز، يجد التطرف مرّة أخرى ضالته ليُعيد تدوير نفسه، وتقديمها على أنها حامية العقيدة والمدافعة الغيورة عن الدين ونبيّه، فقد برهنت هذه الحوادث، على استثمار جماعات الإسلام السياسي للمستجدات في سبيل تجييش الشعوب وزج مجتمعات المسلمين ـ وغيرهم ـ في نزاعات عقائدية تؤجج الأمور، وتشحن عاطفة الناس البسطاء بخطابات تحريضية تبث الكراهية، مستهدفة بالأخص فئة المراهقين والشباب إذ يُعدّون عناصر يسهل تطويعها، وهذا ما أسهم في فرز نماذج تبنّت أيديولوجيا راديكالية استلت سيف التطرّف وأشهرته علانية لتغتال به الأبرياء تحت شعار الدفاع عن الدين.


إثر ذلك، خلفت هذه الهجمات انقساماً بين رافض للتطرف ومؤيد يُربّت على أكتاف المعتدين لرد الاعتبار ونصرة الدين بينما تنتشي الأيادي الخفية بتحقيق مآربها فيما يجري خدمة لأيديولوجيتها ومشروعها.


يجب أن يفهم الجميع، أن الحقوق لا تأتي بسفك الدماء، وأن الاعتبار لا يُسترد بطعن الأبرياء.. لقد آن الأوان للتحلي بثقافة الاعتراض السلمي والابتعاد عن الأسلوب العدواني، الذي يزيد الطين بلّة، ويقتل الفرص في إيجاد الحلول.