نبيل عرابي كاتب ـ لبنان لم ينتبه إليه أحد، حين اتّخذ لنفسه مقعداً في غرفة الاستقبال، حيث كانت مجموعة من الأصدقاء تتجاذب أطراف الحديث، رجل أنهى العقد الثامن من العمر، توحي قسمات وجهه التي تماهت مع شعره المتصل بلحيته الكثة بعمق التجربة والمعاناة في سبر أغوار الحياة، ووسط ذهول الجميع بادر بالقول:ـ دعوا حياتكم ترقص برشاقة على شواطىء الزمن، كما يرقص الندى في رؤوس البراعم.لكن الدهشة بقيت سيدة الموقف بانتظار المزيد من انقشاع الرؤية، فأردف قائلاً:ـ من فؤادي تتصاعد صورة أشواقي، فأبصرها تتراقص أمام عيني.وحين حاول أحد الحاضرين كسر حال الجمود المهيمنة على الموقف، عاجله الضيف المجهول:ـ إنّ في العالم حكماء ومجانين، متبصّرين وغُفّلاً.. إنّ فيه عيوناً تضحك وعيوناً تبكي، وعيناي أنا مملوءتان جنوناً.ارتسمت ابتسامات خفيفة على وجوه المحدّقين بهذا المتحدّث اللبق الغريب في آن معاً، وتكررت المحاولة ثانية للتدخّل في ما يجري، لكنها باءت بالفشل، فتابع بثقة عارمة:ـ لا يستطيع شاعر أن ينشد دوماً الأغنية القديمة نفسها، والزهرة تذوي وتموت، ولكن لا ينبغي لحاملها أن ينوح دوماً على مصيرها.هنا أدرك الجميع، أنهم في حضرة أديب من الصف الأول، أو ربما فيلسوف قد أمضى أكثر سنوات حياته باحثاً عن إجابات شافية، لأسئلة تملأ رأسه، وتقضّ مضجعه.. وقبل أن تبدأ تفاصيل وجوده بالتلاشي شيئاً فشيئاً، تناهت إلى أسماعهم كلماته، وهو يقول بحسرة:ـ إنني أنسى، وأنسى دائماً أن لا جَناح لي للطيران، وأنني أبداً مشدود إلى هذه الأرض.وحين استفاقوا من ذهولهم، صاح أحدهم:ـ انظروا، هناك شيء ما.ومدّ يده حيث كان الضيف، وأخذ يقرأ:ـ بستانيّ الحبّ.. تعريب: سامي الرّياشي ــ المطبعة البولسية ــ جونية ــ لبنان.. آه هذا ديوان الشاعر الهندي.. آه، إنه طاغور!

ريادة الأعمال.. وتحدي «وادي السيليكون»
د. أمل إبراهيم آل عليأكاديمية ورائدة أعمال ـ الإمارات
ما إن حطَّ كوفيد-19 رحاله في عالمنا حتى تغير وجه الحياة، ولم يعد كما عرفناه من قبل على عدة أصعدة، وأخص بالذكر هنا قطاع ريادة الأعمال.
تاريخيّاً، لو عدنا إلى الوراء قليلاً للبحث عن مفهوم ريادة الأعمال، فهو يُقصد به تأسيس مشروع صغير، وفي بعض الأحيان متناهي الصغر، وفي عام 1985 أعاد «بيتر دركر» الكاتب والباحث الأمريكي تعريف المصطلح ليصبح مفهوم ريادة الأعمال متخصص بالمشاريع الريادية المبتكرة، مُرَكِّزاً على شخصية رائد الأعمال أو صاحب المشروع، شارحاً السمات التي ينبغي أن يتمتع بها مثل: المهارات الريادية والسمات الشخصية التي تحثه على الإبداع، والمغامرة المدروسة، والقدرة على الإقناع، وإيجاد الحلول، وتحدِّي الأزمات، وبمعنى آخر امتلاك القدرة على خلق قيمة من العدم.
والتعريف السابق لبيتر دركر هو التعريف المعتمد أكاديمياً في الجامعات ومراكز الأبحاث والاقتصادات العظمى، واستناداً إليه سنجد أن معظم المشاريع المسماة بمشاريع ريادية هي ليست كذلك 100%، حيث أشار بعض الأبحاث إلى أن معظم المشاريع في منطقة الشرق الأوسط تفتقر لعنصر الابتكار، وفي الغالب تعتمد على شخصية صاحب المشروع الريادية في المغامرة وحب الاستثمار.
وبحسب إحدى الدّراسات التي قمتُ بها سابقاً توصلت إلى أن شخصية رائد الأعمال العربي مختلفة كثيراً عن نظيره الأمريكي مثلاً، ففي الأدبيات الأمريكية يُولد رائد الأعمال من داخل بيئة صعبة، وهنا تبرز المهارة في القدرة على التأقلم في أصعب وأقسى الظروف، ومن هذا المنطلق نشأت فكرة ريادة الأعمال، وما يعرف بـ«وادي السيليكون» الأمريكي.
اليوم في نهاية 2020 مع مجيء جائحة كورونا وتأزم الاقتصاد والقطاع الصحي والطيران والسياحة والتعليم والحياة الاجتماعية، صمت الضجيج وصمت صوت العالم إلا من أخبار الجائحة.
هنا وبعد إن استفاق الاقتصاد وأدرك القائمون عليه أهمية إنعاشه، ظهرت أصوات تطالب بالنظر في قطاع ريادة الأعمال ومحاولة دعم هذا القطاع باعتباره الحلقة الأضعف، والأصغر من حيث الحجم، والأقوى والأكبر من حيث العدد والتأثير في الناتج المحلي.
ويطرح بإلحاح هنا السؤال الآتي: أين فكر وشخصية رائد الأعمال القادر على وضع الحلول وتحدي الصعوبات، وخلق قيمة من العدم من خلال الابتكار؟
وفي السياق ذاته نلحظ الجهود الحثيثة، التي اضطلعت بها الدول في المنطقة لدعم ريادة الأعمال والتوعية بأهمية خلق جيل من الرواد، ولكن يبدو أن جائحة كورونا كانت بمثابة اختبار حقيقي، فقد أدَّت الجائحة إلى فقدان العديد من العاملين لوظائفهم.. فهل نجحنا بالفعل في بث روح ريادة الأعمال في مجتمعاتنا؟ وهل لدينا رواد أعمال قادرون على تحدي الظروف وخلق ابتكارات جديدة تكون وليدة الأزمة الحالية؟
إجابات الأسئلة السابقة، هي تحديداً ما سنشهده في الأيام المقبلة، كما سنرقب ولادة مشاريع مبتكرة تقف أمام كورونا، وأخص بالذكر هنا المشاريع التي تولد في «السيليكون فالي الأمريكي».. فهل ستتفوق ريادة الأعمال على هذا التحدي؟ من جانب آخر، يواجه ريادة الأعمال تحدٍ رئيسي في كونها الحل للتوظيف، فقد قامت الدول في العقدين الماضيين بالتوعية بأهمية ريادة الأعمال كمهارة مستقبلية، بالإضافة لكونها أحد أهم طرق خلق الوظائف، ففي ظرف مشابه نحن في أمسّ الحاجة لفكر ريادة الأعمال، فهي المخرج لانخفاض الطلب على الوظائف.. فهل ستثبت ريادة الأعمال قدرتها على مواجهة التحدي؟.. هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.
ما إن حطَّ كوفيد-19 رحاله في عالمنا حتى تغير وجه الحياة، ولم يعد كما عرفناه من قبل على عدة أصعدة، وأخص بالذكر هنا قطاع ريادة الأعمال.
تاريخيّاً، لو عدنا إلى الوراء قليلاً للبحث عن مفهوم ريادة الأعمال، فهو يُقصد به تأسيس مشروع صغير، وفي بعض الأحيان متناهي الصغر، وفي عام 1985 أعاد «بيتر دركر» الكاتب والباحث الأمريكي تعريف المصطلح ليصبح مفهوم ريادة الأعمال متخصص بالمشاريع الريادية المبتكرة، مُرَكِّزاً على شخصية رائد الأعمال أو صاحب المشروع، شارحاً السمات التي ينبغي أن يتمتع بها مثل: المهارات الريادية والسمات الشخصية التي تحثه على الإبداع، والمغامرة المدروسة، والقدرة على الإقناع، وإيجاد الحلول، وتحدِّي الأزمات، وبمعنى آخر امتلاك القدرة على خلق قيمة من العدم.
والتعريف السابق لبيتر دركر هو التعريف المعتمد أكاديمياً في الجامعات ومراكز الأبحاث والاقتصادات العظمى، واستناداً إليه سنجد أن معظم المشاريع المسماة بمشاريع ريادية هي ليست كذلك 100%، حيث أشار بعض الأبحاث إلى أن معظم المشاريع في منطقة الشرق الأوسط تفتقر لعنصر الابتكار، وفي الغالب تعتمد على شخصية صاحب المشروع الريادية في المغامرة وحب الاستثمار.
وبحسب إحدى الدّراسات التي قمتُ بها سابقاً توصلت إلى أن شخصية رائد الأعمال العربي مختلفة كثيراً عن نظيره الأمريكي مثلاً، ففي الأدبيات الأمريكية يُولد رائد الأعمال من داخل بيئة صعبة، وهنا تبرز المهارة في القدرة على التأقلم في أصعب وأقسى الظروف، ومن هذا المنطلق نشأت فكرة ريادة الأعمال، وما يعرف بـ«وادي السيليكون» الأمريكي.
اليوم في نهاية 2020 مع مجيء جائحة كورونا وتأزم الاقتصاد والقطاع الصحي والطيران والسياحة والتعليم والحياة الاجتماعية، صمت الضجيج وصمت صوت العالم إلا من أخبار الجائحة.
هنا وبعد إن استفاق الاقتصاد وأدرك القائمون عليه أهمية إنعاشه، ظهرت أصوات تطالب بالنظر في قطاع ريادة الأعمال ومحاولة دعم هذا القطاع باعتباره الحلقة الأضعف، والأصغر من حيث الحجم، والأقوى والأكبر من حيث العدد والتأثير في الناتج المحلي.
ويطرح بإلحاح هنا السؤال الآتي: أين فكر وشخصية رائد الأعمال القادر على وضع الحلول وتحدي الصعوبات، وخلق قيمة من العدم من خلال الابتكار؟
وفي السياق ذاته نلحظ الجهود الحثيثة، التي اضطلعت بها الدول في المنطقة لدعم ريادة الأعمال والتوعية بأهمية خلق جيل من الرواد، ولكن يبدو أن جائحة كورونا كانت بمثابة اختبار حقيقي، فقد أدَّت الجائحة إلى فقدان العديد من العاملين لوظائفهم.. فهل نجحنا بالفعل في بث روح ريادة الأعمال في مجتمعاتنا؟ وهل لدينا رواد أعمال قادرون على تحدي الظروف وخلق ابتكارات جديدة تكون وليدة الأزمة الحالية؟
إجابات الأسئلة السابقة، هي تحديداً ما سنشهده في الأيام المقبلة، كما سنرقب ولادة مشاريع مبتكرة تقف أمام كورونا، وأخص بالذكر هنا المشاريع التي تولد في «السيليكون فالي الأمريكي».. فهل ستتفوق ريادة الأعمال على هذا التحدي؟ من جانب آخر، يواجه ريادة الأعمال تحدٍ رئيسي في كونها الحل للتوظيف، فقد قامت الدول في العقدين الماضيين بالتوعية بأهمية ريادة الأعمال كمهارة مستقبلية، بالإضافة لكونها أحد أهم طرق خلق الوظائف، ففي ظرف مشابه نحن في أمسّ الحاجة لفكر ريادة الأعمال، فهي المخرج لانخفاض الطلب على الوظائف.. فهل ستثبت ريادة الأعمال قدرتها على مواجهة التحدي؟.. هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.
#بلا_حدود