الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الكل يرثي «غرناطته» الخاصّة

الكل يرثي «غرناطته» الخاصّة
500مريم عيسى مهندسة وطالبة دكتوراه ــ الإمارات

عام ونيف مرّت على سقوط آخر معاقل المسلمين في الأندلس، 5 قرونٍ مضت لم تعد الموشحات تُغنى في«البيازين».. لقد غابت «البسملة» قبل قطف النّارنج، وتعلقت العيون بحقل الزيتون، ولا تزال الأعين تدمع دخان كتب حُرقت.

في نهاية ثلاثية غرناطة لِـ«رضوى عاشور» كان عرب الأندلس بعد بُعْدهم عن ظُلمهم الأكبر منذهلين، وهل يظلم المسلم أخاهُ المسلم؟.


زمان مرّ، أضحى المسلم بعده يمكُر لأخيه، يحفر له، يوقعه في وحل التّخلف، يُصارعه على السلطة، يُكفِّره، يشكك بدينه، يستخف بمعتقداته، ويزدري مذهبه، ظلموا بعضهم حتّى بات لكل مسلمٍ غرناطةٌ خاصة يبكيها.


فيرثي اللبناني زهرة الشرق، أم الشرائع بيروت، ويبكي دخاناً يلهب العين، يحرق الدّمع، ويُطفئ البهجة، ويوجد الحزن، ويفضح الفساد الذي يغطي سماها.

ويرْثي العراقي دار السّلام، تاهَ الشباب يبحثُ فيها عن سلام، في البحث يستشهدُ اثنان، ويُخطف 3، ويُصاب 7، تثكل أمهات، ويثقل الحزن قلوب شباب يبحث عن نهضة يراها في اليوم تنهار 70 خريفاً، وتعود إلى الوراء، ويرثي حضارة خلَّدها التاريخ قد تختفي إثر انفجار.

ويرْثي اليماني أمان الوطن، ظُلمة المستقبل، جهل الحاضر، والتّاريخ المزدهر، ويبكي احتراق البُن في غيرِ دلاله، ويترنّح شوقاً على نغم موسيقاه حزناً على أرث انقضى، شبابٌ ضائع، وكهلٌ مريض.

كثُرت على قلب المسلم المدن التي يرثيها، صار يرثي المُدن في المناسبات كي لا يُصبح شهيد أحزانه، فترى قلبه يحترق بعد انفجار، وينطفئ غرقاً مع طوفان، يغرق بصمته 3 أيام ويعود للصخب، يتذكر عذاب الروهينغا، يعاود الهدوء، يُصفق لحقوق امرأة أعطيت بِجلال في إحدى أراضي المسلمين، يستذكر جانباً آخر، لا تزال تقتل فيه بحثاً عن شرف، يبتلع غصّة، وبين كل تلك الأحزان ينسى «غرناطته الأولى»، فيرثي نفسه وأحزانه الصغيرة.