الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الروتين.. هو حياتنا

الروتين.. هو حياتنا
نبيل عرابي كاتب - لبنان

ليس الروتين نفسه هو الذي يثير في نفوسنا الملل، ويدفعنا إلى الشعور بالزهد في الحياة ومحاولة الهرب منها، وإنما نظرتنا إلى الحياة نفسها. وإلى دورنا فيها خيراً كان أم شرّاً.

إننا نستطيع إذا أردنا أن نرى في كل يوم جديد من حياتنا شيئاً جديداً، تماماً كما لو كُنَّا ننظر إلى لوحة جديدة، أو نقرأ كتاباً جديداً، أو نستمع إلى قصيدة جديدة مليئة بالمعاني الجميلة، التي تحرك المشاعر والوجدان.


إنّ الدفء الذي يملأ قلوبنا، والحب الذي يسيطر على مشاعرنا، والحماس الذي نستقبل به يومنا الجديد مع مطلع الشمس في الصباح، جميعها عوامل مجتمعة تمثل الوقود الذي يدفعنا، ويحرّك فينا الرغبة في الاستمرار في الحياة التي ألفناها واعتدنا عليها.


ثم.. لماذا نذهب بعيداً؟.. تعالوا نلقِ نظرةً على هذا الكون الفسيح من حولنا.. أليس كل شيء فيه يسير وفق نظام دقيق رتيب لا يتغيّر ولا يتلوّن؟

ثم تعالوا بنا بعد هذا لنتوقّف قليلاً ونتساءل: كيف تكون حالنا؟ وكيف تكون أحاسيسنا لو أن الخريف جاء في موسم الربيع، والشتاء في الصيف؟.. سوف نجفل، وتستبد بنا الحيرة، ويضطرب نظام حياتنا، ولكن لن نلبث بعد فترة أن نتعوّد هذا التغيير الذي طرأ على فصول السنة وتتابعها.

وهكذا الحياة نفسها.. كل شيء فيها جديد يكون غريباً ثم نعتاد عليه، ومع العادة يتولد الشعور بالروتين والملل من رتابة الحياة.. ذلك الذي نحاول أحياناً الهرب منه وهو جزء من حياتنا، بل هو حياتنا نفسها.