الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

خــواطــر شــتْويَّــة

خــواطــر شــتْويَّــة
هل حقًا يأتي الشتاء بأحزانه أم أن البشر خلقوا هذا الرابط العجيب بلا مبرر، والشتاء بريء من هذا الاتهام؟.. الليل، والنسمات الأولى من البرد تلك اللسعة التي تشعرك بالدفء كأن العالم يحتضنك ويواسيك على سوئه وسوء البشر.. تسلل النسمات داخل كمك، بين أنفاسك، بينك وبين جلدك، تعانقك كما لم يعانقك إنسان من قبل، فتتذكر كل المآسي، وكل الحزن الماضي، وكل الخذلان والوحدة، وبعض الخوف من مستقبل مجهول.

الشتاء هو أكثر الفصول دفئا وتوقا وأمانًا.. هو بداية لكل شيء بطريقة لا يعلمها إلا الخالق، وصقيعه يبعث الحياة في أشياء لا يفترض بها أن تحيا كالذكريات، لذا أيها الشتاء، أيتها الرياح، أيها النسيم ويا أوراق الأشجار الساقطة أرضًّا والغيوم المكفهرة.. أنا الفراغ فاسكبي شتاءك في عروقي، ففيه أرى ذاك الغموض المحبب.. إنه الفصل الذي تنتظر فيه قطرات المطر المتساقطة، وهي تطرق النوافذ بلا مجيب، ووقعها على نوافذ المنزل كالمتشرد يقف خارج الزجاج يراقب ما يحدث داخل المنزل، فها هي أمٌ تحتضن أطفالها، وشخص يمسك قلمًا ليكتب، وكوب يتصاعد البخار منه.

في الشتاء، تتساءل القطرات: إن كانت هي دموع السماء؟ غير أنها تكمل هطولها، غاسلة الزجاج من غبار تكوم عليه كل العام، لكننا نحن البشر قد نرى ذلك كله، بسبب كثرة القطرات وكثرة القصص والتفاصيل، ومع هذا نقول: شكرًا للمطر لغسله الدنس في ذيول أثوابنا.


كل الذكريات تستيقظ في الشتاء، الجميل منها والحزين، ربما هذا ما يجعله فصلاً حزيناً للبعض.. لكن الإنسان من داخله تشع الآمال كأنوار النيون، لكن علينا أن لا نعيش في وهم الأمل، ذلك أن السفينة ستشق طريقها حيث مقدر لها أن تكون، لكن الواجب تعلمنا كيفية قيادتها.