الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«إنسانيّات».. مباردة لإحياء القيم الأصيلة

«إنسانيّات».. مباردة لإحياء القيم الأصيلة
الحثُّ على العمل في مجال الخدمات الإنسانية بكلّ أشكالها جاء في جميع الشرائع السماوية، وتمّ اعتباره نوعاً من الدعم والمشاركة فيما بين البشر بعضهم البعض، لأنّ العمل الإنساني يسهم في نهوض المجتمع من كبواته، والأهم من ذلك أنه يساعد في تعزيز بنيانه الاجتماعي الداخلي، ويزيد من تماسك أبنائه وانتمائهم له، الأمر الذي يعين أفراده على مواجهة تحديات وصعاب الحاضر، ويمكّنهم من السير بخطى واثقة نحو المستقبل، والعمل الإنساني من حيث هو فعل وتصرّف، يمنح الإنسان شعوراً عميقاً بالراحة النفسية، ويملأ جوانحه بأجمل معاني الحب والدفء والعلاقة الأخوية الإنسانية.

بعد مرور عام من حصولي على لقب «سفير النوايا الحسنة» من الجمعية النرويجية الدولية للعدالة والسلام – أوسلو، تضاعفت جهودي في مجال العمل الإنساني، وأدركت قيمة هذا المنصب الرفيع الذي جاء بالعمل والجهد المستمر بلا مقابل، من هنا بدأت الأفكار تراودني، للقيام بعمل إنساني خالص يستفيد منه المجتمع حتى يستطيع أن يواجه كل التحديات التي تعرقل نموه، وبعد عصف ذهني مع الأصدقاء ونقاشات طويلة للحصول على أكبر قدر من الأفكار، وأيضا بعد مخاض طويل جاءت مبادرة «إنسانيات» ووُفِّقتُ في اختيار الاسم الذي يعبر عما أريد تقديمه للمجتمع، ولأنّنا في عصر هجر الجميع القراءة والاطلاع فقد كان لزاماً عليّ أن أبذل قصارى جهدي في تقديم البديل، عبارة عن وجبة عميقة معبره لا يمل منها الناس فكانت هذه الرسائل القيمة التي أهديها للمجتمع بصياغة خفيفة ومتقنه.

«إنسانيات» عبارات قصيرة تختصر المسافات وتحيي القيم الأصيلة، نتاج تجارب حقيقية علها تنير للبشرية كل الدروب، منها: لو اجتمع يأس الدنيا كله في قلبك وتأملت هذه الآية«لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا»( سورة: الطلاق ـ الآية: 7) لذهب اليأس، ورحلت مشكلتك وكأنها لم تكن«.


وعلى الرغم الفكرة قد تبدو بسيطة وقصيرة إلا أنها تحتاج إلى كثير من الوقت والجهد، فهي لا تقل عن إنتاج برنامج بكل تقنياته، فصياغة الكلمات تأخذ الكثير من التفكير والدراسة وانتقاء المشاهد المعبرة، تحتار فيها العقول، ثم الآهات المصاحبة للمقاطع والمؤثرات الصوتية التي تحيي المشاهد وتوضع في أماكن محددة ومقصودة للتعبير عن المشاهد، ثم عرضها للتقييم والتعديل.


إن هذه المبادرة لها أكبر الأثر في تواصلي مع كل البشر دون النظر إلى الجنس، النوع أو الديانة، وكم أسعدني تفاعل كثير من شرائح المجتمع المختلفة، التي أثنت على المبادرة، ونشرتها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وبهذا لعلي أكون قد قدمت ما يفيد البشرية ويخفف من تعقيداتها، بأسلوب رشيق وصورة معبرة تلهب المشاعر وتنير العقول.

كلما صعدت سلم المجد زادت مسؤولياتي في الحياة وسعدت تواضعاً، في خدمة الإنسانية فكان لا بد أن أجسد هذه الجهود القيمة عملاً خالداً تستفيد منه البشرية، لقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم التاسع عشر من أغسطس من كل عام يوماً عالمياً للعمل الإنساني، احتفاء وتقديراً للذين يساعدون الناس، ويسلطون في هذا اليوم الضوء على جهود العاملين في الخدمات الإنسانية تقديراً لمكانتهم في بناء الإنسان والمجتمع.

لذلك كلّه، أفتخر أنني سفيراً للنوايا الحسنة، داعماً للأعمال الإنسانية بكل ما أملك حتى يعم السلام والوئام أرجاء المعمورة، في وقت نحن أحوج فيه لنشد أزر بعضنا البعض، لأننا جميعا نستقل مركباً واحداً، وجائحة كورونا أكدت ذلك.

»إنسانيات".. عمل فني راقي أقدمه لكل أفراد المجتمع بهدف المتابعة والاستفادة، وستجدونه بإذن الله علماً يرفرف خفاقاً باسم الإنسانية، كي يسهم في تنوير المجتمع ليحيا بسلام.