السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«من سيح السديرة إلى الكوكب الأحمر».. رسالة حب

«من سيح السديرة إلى الكوكب الأحمر».. رسالة حب
مريم عيسى مهندسة وطالبة دكتوراه - الإمارات

إلى الأب العظيم الذي خط أرض الصحراء بعصا من جذع نخلة يابسة، فصارت قبلة فخر للعرب، وجنة تسر الناظرين.. إلى القائد الذي أعجز السياسيين بدهائه فأنجح الاتحاد بإصراره، وإلى الملهم الذي آمن بالأحلام، فدعا علماء «ناسا» ليعرف الفضاء، وليكسر حواجزه ولا يجعله حداً لأحلامه.

إلى من تسمينا باسمه، إلى زايد الذي كان زائداً في كل شيء، بخيره، بوفائه، بعطائه، وبأمله بأبنائه، فرسخ بهم الإيمان بـ«أنتم تصنعون المصانع لا هيَ من تصنعكم، فكَبِروا أوفياء، صانعين للمجد، ويختالون باسمه فخراً».


إلى أجدادنا الذين جدوا الأرض أملاً وأحلاماً، فوجدنا أرضاً تتعطش للإنجاز ولا تعرف للمستحيل حدوداً، فخلُقنا: ندرس الماضي الصعب لنغيره، وندرس الكوارث لنتفاداها، وندرس العلوم لنتقنها، لنبني وطناً لا يهرم.


إلينا نحن من كبرنا ونحن نقسم أن نبني نعمل، نعمل نخلص، مهما عشنا نخلص نخلص، فكبرنا منشغلين بالبناء بإخلاص ونعمل على ما ظنه الجميع مستحيلاً.

إلى أبنائنا الذين سيكبرون على قصة النجاح، وسيتولد بهم أمل لا تكسره الهزائم، أنتم مجدنا القادم ومستقبلنا إلى القمر وأبعد، رددوا كل صباح بفخر واعتزاز: عيشي بلادي بآمالنا وأحلامنا إلى الفضاء، وعاش الأمل يجدد فينا شغف الإنجاز وسعي الوصول.

إلى وطننا من المحيط إلى الخليج، تليق بك صناعة الأمل وصنع المستحيل، يليق بك المجد وكتابة التاريخ، ويليق بنا أن نحتفل بعامك الخمسين من المريخ، فلا الأرض تكفي أن نحتفي بإنجازك ولا السماء، فحق لنا أن نبلغ حدود الفضاء نحتفل.

يحق لك يا وطن الأمل واللامستحيل أن يكون لك أكثر من يوم وطني واحد، فإن كان الثاني من ديسمبر يوم الاتحاد هو يوم التكوين، فالتاسع من فبراير يوم الوصول إلى المريخ، هو يوم استكشاف الكون العظيم.

من اجتماع سيح السديرة المليء بالأحلام، المثقل بالآمال إلى اجتماع مسبار أملنا بالكوكب الأحمر، رسالة أمل من قائد المهمة وفريق عمله من أبناء الإمارات إلى الساعين في الحياة، إلى المنهارين على شفا حفرة من الشقاء، إلى المتباكين على الماضي، إلى الباحثين عن مجد ضائع في كتب التاريخ، إلى النفوس التي كساها اليأس، إلى الهاربين من الأحلام، والخائفين من كسر قيود المستحيل، إليكم من قلب الصحراء، رسالة أمل، أن استبشروا فإن القادم أجمل إن آمنا، وإن المستقبل لنا إن عملنا، وإن المستحيل محال إن اتحدنا، وإن المجد يتشرف بنا إن سعينا.

ومنا، من شعب الإمارات إلى قائد المهمة وطاقم المهندسين شكراً لكم، على القشعريرة التي سَرَت في أجسادنا فخراً بإنجازكم، وعلى الرجفة التي غزت قلوبنا فرحاً، شكراً على الحشرجة التي سَرَت في أصوات الجدات تأثراً بما يرونه إعجازاً، وعلى تعلق نظرات الأطفال بكم كقدوة حسنة يتعلمون منها ويتبعونها.

شكراً على جرعة التحفيز لكل المحبطين، وعلى إيقاظ الأمل في قلوب اليائسين، وشكراً على العيد الذي أحييتموه في زمن الوباء، وعلى البهجة التي نسيناها متخفين بالكمام.

شكراً لكم لأن بعدكم سيأتي جيل متعطش لإنجاز أكبر، فكل الشكر لوقتكم، ولجهودكم من الرحلة الصعبة في «تانيغاشيما» إلى لحظات التوتر في مركز التحكم حتى «اللهم لك الحمد» بصوت المهندس عمران شرف قائد مهمة أمل العرب.

بكم استحال المستحيل.. أنتم المصانع التي راهن زايد على جهودها، وأنتم ثمرة استثمار القادة بالعقول.. أنتم الأمل الذي سينير عتمة دهاليز العرب، وأنتم الحاضر الذي أعاد كتابة التاريخ، وأنتم الحكاية التي ستُحكى لمئة جيل قادم، كلنا سنحكيكم: «كان يا مكان، من بيننا مئتان، حملوا الأمل ومضوا بهِ ليكسروا حدود المستحيل بحسبان، فأصبحنا نحلق بالفضاء نستكشف الأكوان».