الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

وداعاً شمس الرحمن الفاروقي

وداعاً شمس الرحمن الفاروقي
حسان أنور كاتب وباحث - الهند

فقدت الأوساط الثقافية في شبه القارة الهندية أحد أرسخ أعمدتها وهو الأستاذ شمس الرحمن الفاروقي. الذي ينتمي إلى أسرة عريقة تشتهر بميزة الأدب والثقافة، كما تمتاز بإنجاب المتخصصين في مختلف الميادين.

ومما يتميز به الفاروقي عمن عاصروه من أقرانه أنه كان يعمل موظفاً إداريّاً ذا مسؤولية كبيرة في القطاع الحكومي، وجعلته هذه الوظيفة ينتقل من مدينة إلى أخرى، ومع ذلك شق طريقه نحو صقل موهبته وتطوير ثقافته، وتمديد خبرته، وتكوين أفكاره، وتشكيل آرائه وترسيخ شخصيته.


من ناحية أخرى كان الفاروقي أكاديميّاً مرموقاً في مجال تخصصه، وهو موسوعة ثقافية متنقلة، إذ لديه اطلاع تام على الآداب الشرقية يضاهي اطلاعه الواسع على الآداب الغربية، وله إطلالة شاملة على الحركات والإبداعات الأدبية قديماً وحديثاً، وكذلك على الاتجاهات والتيارات الكلاسيكية والمعاصرة السائدة في الآداب العالمية شرقاً وغرباً.


كما تميز بقرض الشعر وكتابة القصة والرواية وممارسة الصحافة والترجمة والنقد كما لعب دوراً متميزاً في غرس بذور الثقافة الأدبية وتعزيز جذورها وإيناع ثمارها في الهند.

وله انشغال خاص بالكشف عمَّا يكمن في أبيات الشاعرين الهنديين الأسطوريين «مرزا غالب ومير تقي مير» من أطوار حدیثة، فيغوص فيها ليبحث عن درر غالية، فأدى بكل جدية وأمانة ما تعهد به من مسؤولية ضخمة لتشريح معارفها الشعرية وخصائصها الفنية. وهو يعتبر بلا منازع رائداً من رواد مدرسة الحداثة في النقد الأردي، فقد تميزت ريشته الفنية المبدعة بتصوير خرائطها ورسم لوحاتها وتعبئة ألوانها وإبراز ملامحها وتدوين مبادئها وتحديد اتجاهها.

وقد كرمته الحكومة الهندية بـ«بدم وبهوشن» ثاني أعلى جائزة مدنية في الهند، ناهيك عن جائزة «سرسوتي» أفضل جائزة أدبية في قارة آسيا، وذلك اعترافاً بما حظي به من إنتاج غزير حول الأدب والنقد.