الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

من مزّق الثَّوب؟

من مزّق الثَّوب؟
شيخ محمد سعيدي مهندس مدني - الإمارات

ضحكات تعلو بين أحباب وغرباء، نتشارك ـ بالرغم من اختلافنا ـ فرحاً مؤقتّاً لا يتعدى الثواني، أو الدقائق، هذا إن بُوِرك فيه وطال أمَده.

مصدر تلك الضحكات مقطع مرْئي أو تسجيل جريء أو صورة مفجعة، وتتنوع المقاطع ما بين سقوط شخص كادح لأجل أبنائه في طريق عمله في إحدى البلدان الفقيرة، التي لا يتعدى الدخل اليومي للفرد فيها دولاراً واحداً، ونتيجة هذه الكبوة الممتعة يعاني ذلك الرجل يوماً قاسياً، قد يكون بلا دخل.. يتبعه جوعَى ينتظرونه في البيت.


ثم يأخذ هذا المشهد الكوميدي المظلم شكلاً آخر في امرأة يوحي ظاهرها بالرفاهية ورغد العيش فيحسدها من يراها، ويتقنّص لها العثرة، فيسفه حلمها ويجرحها بدافع غلٍّ جاهل، ولو بحثنا في ظلال قصتها لرأيناها أنها عانت من مصاعب شديدة، أخذت بها إلى عالم فترت ألوانه، واحتاجت لمن يسترها ويأخذ بيدها بدلاً من أن يشهر بها ويرمي بكفها لأقرب سفيه على الطريق.


أصبحنا غدّارين بمن نعرف ولا نعرف، ولو أننا تخيلنا أنفسنا أيها القارئ في زمن آبائك وأجدادك الصالحين، لكان كمثل من رأى شيئاً بمفرده واستؤمن عليه، ثم ما لبث الرائي إلا أن فرّ وأصبح يبلغ هذا الحدث للعامة صغيراً وكبيراً، برّاً وفاجراً، ليلاً ونهاراً، لا يُبالي بما ينشر، ولا يعرف الفائدة من ورائه، إلا أن عُمْلته ضحكات ينتظرها تخرج من أفواه من بلغ كمكافأة يسعى لها موظف بعد جهد طويل.

أصبحنا وأمسينا، بل وسهرنا في أيامنا نمزق ثوب كل من نرى ونضحك منه، وما إن نخطو خطوات بسيطة إلا ويأتي أحد يقتصّ منا ما مزقنا من غيرنا ولسان حال الناس «شيء عادي»، فدعني أسالك:

ــ إن كنتَ شخصاً عاديّاً، ألا ترى الغرابة فيه؟