الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

« اتفاقية باريس».. وصْفة إنعاش لعالم يختنق

« اتفاقية باريس».. وصْفة إنعاش لعالم يختنق
عدنان عضيمة كاتب ومترجم سوري مقيم في الإمارات

تعود بنا الذَّاكرة لشهر ديسمبر من عام 2015 عندما أعلن الرئيس أوباما التزام الولايات المتحدة ومعها 200 دولة أخرى باتفاقية باريس للمناخ والحدّ من ظاهرة التغير المناخي، ولم تمضِ إلا فترة قصيرة تقل عن سنتين حتى جاء الرئيس دونالد ترامب ليعيد العالم إلى مربع الخطر عندما أعلن عن انسحاب أمريكا من الاتفاقية وليصبح قراره نافذاً اعتباراً من تاريخ 4 نوفمبر 2020.

ولحسن الحظ كانت للنَّاخِبِين الأمريكيين كلمة أخرى في الشهر ذاته عندما أسقطوا ترامب وصوتوا لصالح جو بايدن كحاكم للبيت الأبيض، وفي بداية نشاطه في المنصب الجديد، أعلن بايدن يوم 19 فبراير الماضي عودة الولايات المتحدة للالتزام باتفاقية باريس في رسالة موجهة للأمانة العامة للأمم المتحدة..


بعد هذا الأخذ والردّ، وعدم اكتراث بعض الدول الصناعية الكبرى بالواقع المناخي الخطير الذي تعاني منه الأرض، هل نفهم أن الاتفاقية لا تمثل في الحقيقة أكثر من حبر على ورق؟.


يتحدث المتفائلون عن مبادرات إيجابية في هذا الصدد، ويشيرون إلى إقدام مسؤولين تنفيذيين في القطاعين العام والخاص بالإضافة للمواطنين في العديد من دول العالم على تكثيف الجهود لتطوير تكنولوجيات واعدة لتوليد الطاقات النظيفة من مصادر مستدامة عملاً ببنود الاتفاقية ومن أجل وضع حدّ للتغير المناخي.

وهي تهدف إلى الحدّ من مستوى انبعاث غازات الاحتباس الحراري، وعلى رأسها غاز ثاني أوكسيد الكربون بحيث لا يرتفع معدل درجة حرارة جو الأرض عن درجتين خلال ما تبقَّى من القرن الجاري، لما كان عليه قبل انطلاق الثورة الصناعية وتكمن المشكلة في أن نجاحها يتطلب شروطاً صعبة التطبيق وذات بنود ومفاعيل عالمية متكاملة تستدعي اقتناع كل دول العالم بضرورة العمل المشترك لتطبيقها، وهنا تكمن نقطة ضعفها لأننا تعودنا من القوى العظمى التي تتحكم بمصير العالم ألا تبادر لبذل الجهود المشتركة الصادقة لحل أي قضية مستعصية أو مشكلة دولية على الإطلاق.

وتضاف إلى ذلك، المشكلات السياسية العالمية التي تعمل فِعْلها في إضعاف ثقة الدول ببعضها البعض، ومن أمثلتها الخلافات القائمة بين الولايات المتحدة من جهة، والصين وروسيا من جهة ثانية، وهي الدول الصناعية ذات التأثير الكبير في تحديد مستوى فشل أو نجاح أي مهمة، ولا يمكن لأحد أن يفترض بأن الصين سوف تستجيب لشروط الاتفاقية لمجرّد أن الولايات المتحدة أو أوروبا أرادت ذلك.

وهناك حالة سائدة من سوء الفهم لدى البعض حول تداعيات الالتزام بالاتفاقية بما فيها تلك التي تشير إلى أنها سوف تضرّ الاقتصاد الأمريكي، وكانت هذه واحدة من الأفكار الخاطئة التي راودت الرئيس ترامب عندما زعم أن التقيد ببنودها سوف يؤدي إلى خسارة الاقتصاد الأمريكي لنحو 3 تريليونات دولار قبل حلول عام 2040.

وليس هناك ثمّة شك، بأن النشاطات البشرية هي سبب حدوث التغير المناخي الذي يشكل تهديداً للحياة على كوكب الأرض، ومن هنا تمَّ اقتراح إطار اتفاق واضح بين جميع الدول تلتزم بموجبه بتخفيض الانبعاثات الغازية بشكل متزايد بمرور الزمن.

ومن المعروف أن الحرارة المرتفعة لجو الأرض تؤدي إلى زيادة معدلات الموت بالأزمات القلبية والأمراض التنفسية، ففي مدينة«حيدر أباد» الهندية، سُجل موت أكثر من 1300 مواطن بسبب موجة الحر التي ضربت الهند في شهر مايو 2010.

ولم يعد أمام العالم من سبيل آخر لوقف حالة الاختناق التي تعاني منها الأرض إلا بالتقيد التام ببنود الاتفاقية ووضع بنودها موضع التطبيق.