الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

على قيد حرف

على قيد حرف
إن ما أشعر به ويستوطن داخلي ليس حزناً، بل هو أعمق من ذلك بكثير، وإن ما يمشي على تربة صدري ليس ذاك الفراغ الذي يجعلني مقيداً حتى من صوتي، إنه شيء يشبه بداية الموت يجعلني لا أقوى حتى على انتزاع غطاء القلم.

لو أنك انتشلتني من ذاك العمق الذي وقعت فيه، ولو أنك أنقذتني بسؤالك وتشبثك بهزائمي لا بملامحي، لكان ممكناً لنا أن نعبر معاً ذاك الفاصل بين حديثي وصمتك، وبين تجلُّطات حرفي واكتمال فرحك.

كنت من الذين يهجرون أسرّة أبجديّاتهم ليفترشوا أحلامهم، ومن الجالسين فوق رماد أيامهم، ومن العابرين من فجوات قلوبهم، ومن المتسللين من ثقوب جدرانهم الصماء، ومن الذين يجرون أثواب أمنياتهم على أرصفة الذاكرة.


أنا الآن أقفُ على حافّة جرف الكلمات المبتورة من شجيرات قصائدنا، وأهبط من سلالم الحياة بلمحة ضوء وعتمة حلم. ليتك كنتَ تعلم عن المدى الذي وصلت إليه من الشتات، ومن ذاك العطب الذي ترك أثراً على جلدي وعلى دفاتري.


إنني الآن أفتقد إلى بساطة الأشياء، وملامح التفاصيل الصغيرة التي كانت تملك حق مجالستي، أفتقد أن أمشي إلى تلك المسافات البعيدة دون أن أتعثّر بمطبات الحياة، فما نفع حبر يكتب باعوجاج فرح، وبثقل الحنين على السطر، وما نفع قوافلي الكتابية وأنت كما أنت، تأتي بنصف الأشياء المدهشة.

بلغ بي الأمر وكأنني ساعة رملية ينفذ منها الوقت دون ضجيج، كشمعتك التي نسيتها ليلاً فانصهر ضوءها، وهي تجاهد لتبقيكَ على قيد كتاباتك.

أحن كثيراً إلى عوالمي الخالية منك، ومن مفرداتك التي علقت بجلابيب قلمك.. أحن إلى فضفاض ورقي يكبر بمحاذاة حضورك.