الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

كوارث الهواتف الذكيّة

كوارث الهواتف الذكيّة
بسبب الهواتف الذكيّة وتوابعها أصبحنا نحسب كل خطواتنا، ونراقب كل تصرفاتنا، حتى في أكثر الأماكن خصوصية، كي لا تصطاد هفواتنا تلك الجوالات التي لا تكاد تستريح من نقرات مستخدميها، فهي دائماً في وضع الاستعداد لأيّ حدث مهما كانت تفاهته وقلة قيمته، ثم سرعان ما تنتشر هذه اللقطات عبر الكثير من الوسائط، ويمكنك تحت اسم فضيحة فقط أن تشاهد ملايين الصور والفيديوهات على الإنترنت تمّ التقاطها على غفلة من أصحابها.

وعلى خلفيّة ذلك صرنا نخاف كل من بيده هاتف موجه صوبنا، حتى إنه يكاد يكون من العسير علينا أن نعيش إنسانيتنا الطبيعية بسلام، دون تصيّد لحظات ضعفنا وتقلبات مزاجنا الذي هو أمر بشري.

فيا ترى ماذا كان سيقول (بوكوفسكي) لو عاش زمان هذه الأجهزة الذكيّة وتطورها وطريقة استخدامها السيئة؟.. فقد قال في خواتيم القرن العشرين: «الهاتف صُنِع للحالات الطارئة فحسب.. هؤلاء البشر ليسوا حالات طارئة، إنّهم كوارث».


بالفعل أصبح كثيرٌ منّا كوارث على بني جلدتهم، ما جعل بعضهم يفرّ من البشر ولا يستأنس بقربهم مُتمثلين قول الشاعر «الأحيمر السعدي» قديماً:


عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذ عوى

وصوَتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ

يــرى اللهُ إنـّي للأنيـــسِ ِلكــــارهٌ

وتبغضهم لــي مقلةٌ وضميـر

أمّا إنْ كنتَ شخصية عامة فعليك أن تنتبه حتى لعدد المرّات التي تدخل فيها الحمّام، حيث إن متصيّدي الهفوات لا يميزون بين المواقف الرسمية والشّخصية، وبين الأماكن العامة والجلسات الخاصة، ولا يدركون أن الحال البشرية معرّضة للسّقَطات والزّلّات والتقلبات، فصار عندهم هذا الفعل ثقافة، ثمّ توغل فأصبح عادة عند بعضهم.

سادتي: إن تصيّد الأخطاء داءٌ عُضال، إذا ما تمكّن من أحدنا أصبح غير مُدرك أن التغافل عن أخطاء الآخرين، وعدم تتبع عوراتهم، من أرقى شِيم المكارم.