الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المتعاملون الأذكياء.. و«عصر الخدم الافتراضيين»

المتعاملون الأذكياء.. و«عصر الخدم الافتراضيين»
أصبح «الذكاء الاصطناعي» علماً يحتلُّ مكانة متزايدة الأهمية في ثقافة البشر وتطبيقاتهم الحياتية، ويحذر باحثون من نتائج هذا التطور السريع الذي سيستلب من معظم الناس وظائفهم.

وتتناول كتب عديدة هذه القضية بكثير من الاهتمام، ومنها كتاب «الذكاء الخارق» Superintelligence من تأليف «نيك بوستروم»، الذي أشار فيه إلى أن الإمكانات المتزايدة للذكاء الاصطناعي ستتفوق قريباً على إمكانات البشر أنفسهم.

ويصف المتخصصون هذا العلم بأنه يمثل مجموع الأنظمة التطبيقية الرقمية ذات القدرة الفائقة على معالجة المعلومات، من أجل تقديم إجابات عن أسئلة مهمَّة أو حل مشاكل إدارية أو صناعية معيّنة.


ويمثل «المتعاملون الأذكياء» Intelligent agents قمة التطور الذي يشهده هذا العلم، ويتألف المتعامل الذكي من برنامج تطبيقي «سوفتوير» عالي التطور يمكنه إنجاز الأعمال أو تقديم الردود الفعالة المناسبة عن كل ما يُطلب منه بسرعة فائقة، ويمكن أن يتم تكليفه بأداء الكثير من المهمات بدلاً من البشر، مثل: فرز البريد الإلكتروني، واختيار البرامج التلفزيونية التي تتطابق مع ذوق مستخدمه وإيقاظه في الوقت المناسب وتذكيره بمواعيد العمل وزيارة الأطباء والعديد من الوظائف الأخرى.


ولا تقتصر إمكانات «المتعامل الذكي» على ترديد وتكرار ما تعلمه أثناء البرمجة، بل يصبح قادراً على اكتساب «مَلَكَة الإدراك الذاتي» والتوصل إلى النتائج والحلول لمشكلات لم تتم برمجته لحلها من قبل.

ويقدّم لنا العالم والمستشرف العلمي الأمريكي ميشيو كاكو في كتابه القيّم (رؤى: كيف سيثوّر العلم القرن الحادي والعشرين) المشهد المثير التالي عن جانب من وظائف المتعامل الذكي: الساعة 6:30 صباحاً، الأول من يونيو 2020.

يرن جرس الكمبيوتر فيوقظك، وفجأة، تدبّ الحياة في لوحة جدارية واسعة فيظهر فيها وجه دافئ لفتاة رقيقة وجميلة تدعى «موللي» فتحييك بلطف قائلة:

ــ حان وقت الاستيقاظ والعمل.

وبينما أنت تمشي نحو المطبخ، تشعر الأدوات المنزلية الذكية بوجودك، فيشغّل إبريق القهوة الكهربائي نفسه، ويتحمص الخبز تلقائياً بالقدر الذي تفضله، وتملأ الموسيقى التي تفضلها أرجاء المكان.. لقد دبّت الحياة في بيتك الذكي.

وعلى مائدة الطعام تكون «موللي» قد صوّرت لك النسخة الشخصية من جريدتك المفضلة بعد أن تكون قد مسحت شبكة الإنترنت.

وحالما تغادر المطبخ، يتفحص البرّاد الذكي محتوياته لتخبرك موللي بأن الحليب انتهى وأصبح اللبن الزبادي حامضاً، ثم تقول لك من موقعها على الجدار:

- نحن فقراء بالحواسيب، أحضر معك دستة منها عند عودتك.

وتقول «باتي مايز» Pattie Maes رائدة البحث في تطوير برمجيات «المتعاملون الأذكياء» في معهد ماساشوسيتس التكنولوجي: إن تقنياتها المعقدة تشتمل على برنامج تطبيقي «سوفتوير» يجمع بين وظيفة السكرتير والمخطط الشخصي، والرفيق الذي لا يغفل ولا ينام أبداً.

ويمكن للمتعامل الذكي أن يتَّخذ القرارات المناسبة لحل مشكلات معينة من خلال قدرته الذاتية على تحسس واستشعار البيئة، والربط بين المعلومات والبيانات التي تتدفق على النظام.

ولم يتم إطلاق صفة «الذكاء» عليه من دون سبب، بل يعود ذلك لقدرته على التعلّم الذاتي كالطفل تماماً من خلال أداء المهمات المختلفة المنوطة به.

ويتميز المتعامل الذكي بعدة خصائص، فهو يتمتع بمستوى من الذكاء يسمح له بأداء مهمات معينة من ذاته، ويمكنه التعلّم من تجاربه مثل البشر، ويستأثر أيضاً بالقدرة على الاتصال بمتعاملين آخرين للتعاون معهم على حل المشكلات المعقدة، كما يمكنه التعامل مع البشر من خلال الأنظمة الرقمية، واستيعاب الأوامر والقواعد الجديدة للعمل بشكل تدريجي وتراكمي من دون أن ينسى شيئاً من تجاربه السابقة.