الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

التّجسُّس الصّناعي.. وسرقة المهارات التقنيّة

التّجسُّس الصّناعي.. وسرقة المهارات التقنيّة
يُعرّف «التّجسس الصناعي» industrial espionage بأنه نشاط غير مشروع ولا أخلاقي لسرقة الأسرار التقنية والتجارية من أجل استخدامها لتحقيق فوائد تنافسية، وعادة ما يتم تجنيد عميل سرّي أو شخص مطلع أو موظف داخل المؤسسة المستهدفة لسرقة المعلومات المتعلقة بالمنافس.

وفي معظم الأحوال، يمارس هذا النشاط بعض الشركات الصناعية الكبرى لأسباب تجارية بدلاً من الحكومات، التي تمارس التجسس السياسي من أجل ضمان الأمن القومي.

وشهد هذا النشاط التجسسي في الفترة الأخيرة نمواً سريعاً بمساعدة الإنترنت، وأيضاً بسبب الإجراءات المتراخية والعامرة بالثغرات القابلة للاختراق في تطبيقات الأمن السيبراني، وهو يشتمل على سلسلة متنوعة من الأنشطة في عالم التجارة والصناعة مثل سرقة الأسرار التجارية عن طريق نسخ أو تسجيل المعلومات والبيانات السرّية المهمة للشركة أو المؤسسة الصناعية المستهدفة.


وفي معظم الأحوال، تسعى الشركة التي توظف أدوات التجسس الصناعي إلى استثمار المعلومات التي تحصل عليها من جواسيسها أو أدواتها التجسسية لاستخدامها والاستفادة منها، وقد يشمل هذا النشاط الرشوة والابتزاز والمراقبة التكنولوجية.


وغالباً ما يرتبط التجسس الصناعي بالصناعات ذات التكنولوجيا المعقدة، خاصة صناعة الكمبيوتر والتكنولوجيا الحيوية والفضاء والكيماويات والطاقة وصناعة السيارات، وكلها من القطاعات التي يتم فيها إنفاق مبالغ ماليّة ضخمة على مشاريع البحث والتطوير.

وأشهر ممارسي هذا النشاط في العالم، الشركات العملاقة في البلدان ذات الاقتصادات الضخمة، ومن أهم دوافعه وأسبابه توفير الوقت والمبالغ الضخمة من الأموال اللازمة لإنجاز مهمات البحث والتطوير، بدلاً من الانتظار لسنوات حتى تتمكن الشركات المعنية من التوصل للأسرار التي تبحث عنها.

وفي السنوات الأخيرة، نما التجسس الصناعي بمساعدة الإنترنت، وأيضاً بسبب الإجراءات المتراخية للأمن السيبراني على الرغم من أن اكتشاف هذه الأعمال الإجرامية أصبح أكثر سهولة.

وتمثل وسائل التواصل الاجتماعي جبهة جديدة للتجسس الصناعي، ويمكن أن تصل قيمة العقوبات المالية المفروضة على الشركات الموسومة بتهمة التجسس إلى مبالغ ضخمة مثلما حدث عام 1993، عندما ثبتت على شركة فولكس فاغن الألمانية تهمة سرقة أسرار تجارية وصناعية من شركة جنرال موتورز الأمريكية، وصدر بحقها حكم قضائي بدفع مبلغ 100 مليون دولار للشركة المتضررة.

وتعمل بعض الشركات على اختيار وتجنيد جواسيسها من موظفي الشركات التي تعتزم التجسس عليها، مقابل مكافآت مالية مغرية تدفعها لهم ثمناً للأسرار التي يقدمونها، وأحياناً يتم تجنيد هؤلاء الجواسيس من طرف الحكومات التي تهدف من وراء ذلك إلى تحقيق أهداف اقتصادية أو مالية.

ويهدف التجسس الصناعي الأكثر شيوعاً إلى جمع المعلومات الاستخبارية المتكاملة عن الشركة المستهدفة، وقد تشتمل تلك النشاطات غير القانونية على سرقة الملكيات الفكرية، مثل خطوات ومخططات وتقنيات التصنيع، أو الصيغ الكيميائية للمركبات والأدوية، أو الأفكار والخطط التطورية، وقد يستهدف التجسس أيضاً تعطيل قدرة الشركة المنافسة على جمع المعلومات حول الأوضاع الحقيقية في أسواق معينة.

ومن القضايا الشهيرة للتّجسس الصناعي تلك التي تخص شركة «إيكيا»، إذْ بعد مرور عقد على اكتشاف سلسلة من الرسائل الإلكترونية التي تحتوي على أسرار صناعية، أصبحت هذه الرسائل مادة جنائية مكتملة الأوصاف أثارت الرأي العام الفرنسي، وكان المتهم فيها الفرع الفرنسي لشركة «إيكيا» السويدية الشهيرة لصناعة المفروشات المنزلية وبعض مديريها التنفيذيين السابقين، وكانت التهمة الموجهة لهم تتلخص بابتكار وهندسة نظام تم استخدامه بنجاح بين عامي 2009 و2012 للتجسس وجمع المعلومات المفصلة عن عدد من الشركات المنافسة، وبقيت الفضيحة مجهولة التفاصيل حتى كشفتها إحدى الصحف بعد مرور ما يقارب العشر سنوات.