الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

لقد كبر أبناؤنا

لقد كبر أبناؤنا
لم يخطر ببالنا ونحن صغار أننا سنكبر يوماً ليُخالجنا شعور الوالدين، وتتملكنا غرائز الخوف مع كل خطوة تحبوها فلذات أكبادنا في هذه الحياة، حيث تمثل الدراسة والنجاح والإخفاق جوانب من صورة أكثر اتساعاً في مشاعرنا نحو الأبناء.

لقد كبر أبناؤنا، ومعهم كبرت انشغالاتنا وهمومنا وواجباتنا أيضاً، ويبدو الأمر بعد حين كأنه صراع أبدي لا ينتهي، فنحن لا نتشارك الأفراح والإحزان فقط، إنما أصبحوا مصدر كدرنا وسرورنا في كل تفاعل وهم على اختلاف أعمارهم لا يشعرون بهذا إلا من اللحظة التي يصبحون فيها آباء وأمهات.

يمضي قطار العمر وتترآى أمامنا خطوط وانكسارات، فمثلاً تحضن أحدهم في اللحظة التي يقول لك فيها: لقد نجحت يا أبي.. ويتكدر صفوك مع اختفاء أحدهم لتعلم أنه قد أخفق.


وهكذا، تقضي ما بقي من حياتك تحدث نفسك، وتدرك أن مناحي النجاح لا تقتصر على الدراسة، وتحاول أن تقنع نفسك أن الأهم هو وجود أبنائك بجانبك، فتتسامح وتتصالح لتعود من جديد إلى طريق الصراع، وينتهي بك المطاف بالنبش في خانات الذكريات.


بالنسبة لي هناك ذكريات في ذهني عن أبي، الذي لم يمد يده يوماً على خدي من أجل الدراسة أو غيرها، لكنه كان يتابعني من بعيد ويحرص على نصحي بما علمته الحياة.

أتذكر أننا اقتنينا جهاز تلفاز، وليلتها سهرت طويلاً دون أن ألفت انتباهه واستيقظت متأخراً فكان العقاب من أستاذ الرياضيات لأنني لم أنجز الواجب فعاقبني بالضرب، وكانت آخر كلماته لي:

ـ أبوك ينتظرك لتعوّضه عن سنين الشقاء وأنت غير مبالٍ

كلمات أستاذي فتحت لي طريقاً إلى مستقبلي فيما كتبه الله لي.