السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«ترف الكتابة».. والوضع العربي

«ترف الكتابة».. والوضع العربي
كثيرة هي الأقلام العربيَّة التي كتبت عن وضعيتنا الجغرافية، شارحة ومتألمة وشاكية من المآسي التي عرفتها وتعرفها الأمة العربية في كل فضاءاتها، كما أن تلك الأقلام قد نبهت للمخاطر التي تنتظرنا إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه شعبياً ورسمياً، خاصة بعد أن تحول ما عرف بالربيع العربي المفتعل في نتائجه وتبعاته إلى شتاء عربي قارص وغير ممطر، بل هو شتاء ذو عواصف هوجاء ستأتي على الأخضر واليابس.

من ناحية أخرى لم ينفع تحذير النخب المثقفة من الأوضاع المتردية داخل الجغرافيا العربية والتشرذم الحاصل داخل الدولة الوطنية من جهة، والتمزق الواقع بين معظم الدول العربية، كما لم يجد خوف الكثيرين، وحزنهم لدرجة البكاء على حال الجغرافيا العربية وما تتعرض له من هجومات مبرمجة، لإخراجها من الحركة التاريخية، ودفعها لتصبح مجرد ذكريات على غرار ما ذكره القرآن الكريم عن قوم عاد وثمود وغيرهما من الأمم الغابرة.

اليوم وبعد سنوات من الكتابة، وجدت نفسي ـ وأظن غيري أيضاً ممن كتبوا ـ أننا أمام حقيقة هي أن كتاباتنا كانت على الرمال وفوق براكين من المياه الراكدة، وأنها هدر للوقت لا غير وحرق للأعصاب.. لم تجد لها منفذاً ولا أرضاً صالحة للزراعة، ولا حتى يتردد صدى صوتها في الواقع الجغرافي العربي الشعبي والرسمي معاً.


ويعود كل ذلك إلى عامل أساسي، هو أن المواطن العربي يعيش في عالم آخر غير عالم الكاتب والمثقف والمفكر، بحكم واقعه الاجتماعي البائس والمتردي والذي يدفعه أولاً وقبل كل شيء إلى البحث عن لقمة العيش وشربة الماء، وفي أحسن الحالات البحث عن الأمن والأمان.


أما باقي الاهتمامات التي تعني الكتاب، فهي بالنسبة للشعوب نزوات فوقية لأصحاب الأبراج العاجية الوهمية من الكتاب والمثقفين والمفكرين، والذين هم بعيدون كل البعد عن اهتمامات المواطن العربي البسيط.. وللحديث بقية.