السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

« شاكونتالا».. أول مسرحيَّة هنديَّة

« شاكونتالا».. أول مسرحيَّة هنديَّة
كانت للهند القديمة ضروب من التأثير على كثير من بلدان القارة الآسيوية في المجالات الثقافية والأدبية والفكرية، كما حدَّثتْنا كُتب التاريخ.

ومن أوجه التأثير نجد مسرحية «شاكونتالا»، التي تُعدّ من أوائل الإنجازات الأدبية والفكرية لقدماء الهند، كتبها الشاعر والكاتب الهندي كاليداس في الفترة ما بين القرنين الأول والرابع الميلاديين في عصر إمبراطورية «غوبتا» الهندية.

المسرحية تحمل اسم البطلة «شاكونتالا»، التي هجرها والداها عند الولادة، وعاشت في محبسة حكيم منعزلة، وقد نشأت عذراء جميلة.


يبدأ المشهد الأول من المسرحية في الغابة، حيث كان يقيم راهب هندي مع ابنته التي تبنَّاها، وهي شاكونتالا بطلة المسرحية.


وفي يوم من الأيام، خرج الملك «دشياتنا»، الذي كان يحكم على «هاستينابورا» بالحرب مع القبائل الأخرى، فوقع نظره على شاكونتالا أثناء مروره في الغابة، فوقع في حبها من النظرة الأولى، وتزوجها، ومكث معها في الغابة لمدة، ثم رجع إلى القصر ووعد بأن يعود إليها في وقت قريب.

أهداها الملك خاتماً، والذي سيتعين في النهاية تقديمه إليه عندما تظهر في محكمته للمطالبة بمكانتها كملكة، وكان الملك سيظل يذكرها ما دامت محتفظة بالخاتم، لكنها فقدت الخاتم وهي تستحم في النهر.

ولما كانت على وشك أن تكون أمّاً، فقد قصدت قصر الملك، ولكن الملك نسيها على غرار ما

يفعله كثير من الرجال حين تسخو معهم النساء، وقد حاولت «شاكونتالا» أن تذكّره لكنها فشلت، لأنها ليست لديها علامة.

وفي نهاية المطاف، تم اكتشاف الخاتم من قبل صيّاد في بطن سمكة، وقدمه في بلاط الملك، ليدرك هذا خطأه بعد فوات الأوان، ويُطلب من الحكيم هزيمة جيش من أسوراسو يكافأ به إندرا برحلة عبر الجنة. بعد عودته إلى الأرض بعد سنوات.

مسرحية «شاكونتالا» هذه كانت واحدة من أوائل الإنجازات الكثيرة والمتنوعة لقدماء الهنود، التي لفتت أنظار العالم الغربي في القرن التاسع عشر، حين أحس بأهميتها بعض عمالقة الأدب في ذلك العصر.

وشاكونتالا تعدُّ ـ حسب علمنا ـ أول دراما هندية تُترجم لتخاطب جمهوراً غير هندي، بقلم السير وليام جونز في عام 1789.

وعلى الرغم من أن هذه المسرحية لا تحتفل بالثنائية التي تبرز الشرق الغريب، إلا أنها تسعى إلى إظهار مساوئه وتعريته، وتقليد الرموز الهندية على نحو ساخر شرير.

وقد عرضت مشاهد الشرق من خلال واجهات المعابد، والنباتات الاستوائية، والأفيال، والتجمعات البشرية. حيث قام كاتب المسرح من خلال معالجة المواضيع بتحويل الأبطال والبطلات الملحميين مع إعطائهم لمسات إنسانية حيوية.

وتم تمثيل هذه المسرحية على خشبة المسرح قبل ميلاد المسيح بعدد من القرون، ويعكس المسرح السنسكريتي الكلاسيكي في الفترة التي شهدت نشاطاً فنياً عظيماً إنجازات بارزة في الأدب والهندسة والرسم وغيرها من مجالات الإبداع.

لقد صنفت مسرحية « شاكونتالا» ضمن أفضل 100 عمل أدبي على مر العصور وفقاً لتصنيف مكتبة بوكلوبن العالمية.

وقد تطورت المسرحية «شاكونتالا» بعد ذلك، وتكيفت مع الزمن، وبفضلها تم إدخال التحسين والتطوير والتغيير على التراث الأدبي والمسرحي الهندي، وهذه مثال على أن الهند أثبتت وجودها في جميع أنحاء آسيا، وبذلك النشاط العرفي والثقافي والفني المتواصل أصبحت بلادنا «الهند العظمى».