الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

تساؤلات مُبْهمة

تساؤلات مُبْهمة

أتساءل أحياناً: كيف تهرب مصابيح الفجر من بين أصابعي؟ وكيف تتوارى كالهشيم الذي تذروه الآمال الزائفة في لحظة انكسار لا يُدرك حقيقة أسرار الوجود؟

وأتساءل أحياناً أخرى: عن هذا الفراغ المتعمّد في دائرة ألوان الفرح، وعن هذا التفاوت مترامي الأطراف بين ضوء وآخر، وكأنها امتداد لعزفٍ غجريّ يلوّح باللامبالاة، ويضمر شرّ الترحال الملبّد بطقوس الغيم العابر، فوق مقبرة ضاقت شواهدها بالرضوخ لسكّان الأضرحة كلّما طال بهم العمر؟

كيف تستحيل علبة التبغ فارغة، ولم تلتقط أصابعي أيّاً من عناصرها، تُرَى.. هل أنسى إشعال كل طرف من أفراد عصابتها على حِدة، أم أن الأمر لا يعدو كونه حال ضياع، بين لا إرادة وعفوية مطلقة مع انغماس كُلّيّ في حمأة واقع أصم، أو استسلام قسري لا تُجدي معه المواجهة بشتى الوسائل البدائية مهما علا شأنها، ومهما تبنتها مثاليات الأجيال المتوارثة لها، منذ اعتذار أول طفل عن طاعة والديه بحجة أن لوجهة نظره فسحة تجب الاستفادة منها مع بلوغ الخطوة الأولى موطئها، ومع اكتمال نصف الدائرة الجديد من إطلالة الحياة المنتظرة.

وأتساءل مرات: عن هذه العُقد المتداخلة بين الجنون والوعي، بين الظنون والعيون المبصرة بلا فائدة، بلا تمييز وبلا تواصل مع أبسط قواعد الرفض والقبول للإمساك بطرف خيطٍ يُفضي إلى ملامح هزيلة من المشهد المأساوي المتكرر عند كل لحظة دهشة.

وأتساءل كثيراً.. عن سرّ هذه الضفّة من العيش المتقشف، وعن شراكة هذا الماء الراكد في الانحياز علناً للضفة الأخرى، وكأنه يبتسم بهدوء ليرمُق أحوال الضفة المتهالكة بالمزيد من النظر إلى أي عشب قد يطلّ برأسه الصغير في التربة العطشى، وأي نبض قد يثير الشك في الخروج من مأزق الهلاك المحتّم!