الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

ليت القادرين يواصلون طريق الكمال..

ليت القادرين يواصلون طريق الكمال..
مصطفى عبدالظاهر عضو اتحاد كُتّاب مصر

ولم أرَ في عيوب الناس عيباً

كنقص القادرين على التمامِ


ما قرأت بيت المتنبي هذا مع سياق قصيدته الرائعة.. ومناسبتها على مستوى التجربة والتاريخ إلا تجددت بي الدهشة، لما ميّزَ قريحة أبي الطيب من إعجاز لا ينكره ناقد ولا مهتمٌّ بالأدب أياً كان مذهبهُ.. والذي أود الإشارة إليه هنا من البيت ونصه المدهش تلك المسؤولية التي حمّلها تعجب المتنبي لكل القادرين ذوي الكفاءة في شتى المجالات، حيث لا عذر لتقاعسهم عن بلوغ الكمال والتميز، مع سلوك كل السبل لتحقيقه.. قطعاً هذا معنًى عظيم وتلك رسالة نافذة.


وفي مجال الأدب صدى لتعجب المتنبي.. فتقاعُس الأكفاء من أهله فتح المجال أمام أدعيائه ومتوهمي الموهبة ليملؤوا نواظرنا وأسماعنا بنماذج شائهة تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان، ولا ارتضاها ذوقٌ سليم ولا عرفها الفن.. ولأن السوشيال ميديا مرتعٌ لكل شارد من الفن والفكر والذوق، بالإضافة إلى أعداد مرتاديها المليونية.. وجد فيها أهل الوهم سوقاً لعرض بضائعهم الوهمية أيضاً.. فكاتب لا يعرف عن سلامة اللغة شيئاً يتباهى بجيش من المتابعين قدموه على المتنبي نفسه.. ومن هؤلاء من نصّبوا أنفسهم نقاداً دون أي مرجعية نقدية ولا أدبية.

هذا الواقع الذي يقر أهل الثقافة بوجوده وخطورته ويؤرق كل سليم الذائقة، يتحمل مسؤوليته أصحاب الموهبة الحقيقية وأهل النقد الأكفاء. فما امتلأ الفراغ بالأدعياء إلا لغياب الأكفاء.. وما استسهلوا المباهاة بسقيم الحرف إلا لانزواء أولي العافية والتميز فناً وأدباً، فليت القادرين يواصلون طريق الكمال.. لتنقية واقعنا ممن احترفوا النقص!

شاركوا بمقالاتكم المتميزة عبر: [email protected]