الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الغوص والإلهام

الغوص والإلهام
حميد الزعابي كاتب ـ الإمارات

شهدت الإمارات قديماً على امتدادها، عرساً وفرحاً شعبياً كبيراً بمناسبة موسم «القّفال»، والذي كان يصادف شهر سبتمبر من كل عام، للاحتفاء بالآباء والأزواج والأبناء العائدين من أعظم الرحلات البحرية وأكثرها خطورة وقسوة على أبناء الإمارات عامة.

إلهام وقصص في ذاكرة أجيال الإمارات المتعاقبة عبر رحلات الغوص للبحث عن اللؤلؤ في أعماق الخليج العربي، والتي امتدت على مدى تاريخ الإمارات حتى الأربعينيات من القرن الـ20، للبحث عن الرزق ودعماً لاقتصاد وازدهار الوطن.


فبعد أن افترشوا الماء واستظلوا بالسماء، وقهروا أمواج الخليج البحري الغادر، لمدة 4 أشهر كاملة، بما تسلحوا به من حنكة فطرية في التعامل مع الأحداث والتغلب على الصعاب وكل ما واجههم من أخطار وأهوال في عرض البحر بعد التوكل على الله، وتوطين النفس على تحمل المشاق، يعود الغواصون لذويهم في موسم القفال (الانتهاء) من رحلة المجهول سالمين غانمين.


رحلة الغوص بحثاً عن اللؤلؤ هي الرحلة التي لا يستطيع الغواص خلالها مغادرة مركبه، أو أن يلجأ إلى يابسة إلا في حالة موته، وهي الرحلة التي تحرص أندية التراث البحري في الإمارات على تخليدها سنوياً، من خلال إقامة سباقات القفال للسفن الشراعية في الإمارات لنستلهم منها قوة الصمود والثبات لمواجهة كافة الأخطار، وللتغلب على جميع الأحداث مهما كان نوعها أو توقيتها، بما ورثنا من حكمة وصبر وعزيمة لا تقهر توارثناها عن الأجداد، إضافة إلى ما تسلحنا به من علم ومعرفة لكسر كافة التحديات والمعوقات التي تواجهنا، لمواصلة مسيرة بناء الوطن تحت أي ظرف كان!