الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

الفشل والاضطهاد الكاذب

الفشل والاضطهاد الكاذب
د. محمد سعيد حسب النبي أستاذ جامعي ـ مصر

في قصة للأديب العالمي «دستويفسكي» كشف فيها عن عقدة الاضطهاد التي يُقنع بها بعض الناس أنفسهم ومن حولهم، حيث تناول فيها شخصية موسيقي يعجز عن إظهار موسيقاه وألحانه العبقرية بسبب زوجته التي تعيقه عن العمل والإبداع، وظل سنوات يشكو ألم الاضطهاد الكاذب، والوهم الخادع.

وفي يوم فارقت زوجته الحياة، فأصابته صدمة عنيفة هامَ بسببها على وجهه ليلحق بها ويموت من فوره.


ولعلنا جميعاً نجد أمثال هؤلاء الذين يعلقون فشلهم على غيرهم؛ فيقفون حيث يسير الآخرون، وإن كانوا أقل منهم كفاءة وبراعة. إنهم يستعذبون الشكوى وشعور الاضطهاد، وتعليق العجز على المحيطين والمقربين. إنهم يشعرون أنهم بلا عيب، بينما العيوب في الآخرين.


ويبدو أن هذه المشاعر لها سحر عجيب في نفوس هؤلاء، وكأنما يعيشون في عالم الأحلام، يستريحون إليه في غياب الأهداف والطموحات، ولا يسعون إلى تفهم مشكلاتهم ولا يفكرون في حلها، ولا يرسمون لأنفسهم مساراً يخرجهم من حياتهم السطحية المتخيلة إلى حياة الواقع الذي يزخر بالناجحين والنابغين الذين يصنعون من حياتهم قصيدة شعرية جميلة، يتغنى بها الناس جميعاً.

إن حياة هؤلاء الذين يستمتعون بالفشل يملؤها الاضطراب، والذي يزداد يوماً بعد يوم، ولا نجاة لهم إلا إذا جعلوا من حياتهم مشروع نجاح، فيضعون نصب أعينهم هدفاً محدداً، ويبذلون كل طاقتهم لتحقيقه، ويتجاوزون عثرات الطريق مهما بدت ثقيلة، ويثقون في نجاحهم، ويعلمون أن النجاح يجر نجاحات أخرى، لأن مذاق النجاح مستعذب، ومن عرفه لن يتركه.

وللمربّين دور حاسم في ذلك السياق، حيث ينبغي عليهم تهيئة مناخ النجاح لأبنائهم، والبحث عن مكامن النبوغ والتفوق فيهم، والدعم الكامل لمؤشرات النجاح مهما بدت ضئيلة، لأنهم بذلك يضيفون لبنة إلى لبنات الشخصية الإيجابية، وحياة غنية إلى الحياة الإنسانية.

شاركوا بمقالاتكم المتميزة عبر: [email protected]