الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الأقصوصة.. وجبة فكرية سريعة

الأقصوصة.. وجبة فكرية سريعة
بقلم: د. معراج أحمد الندوي أستاذ بجامعة عالية ـ كولكاتا - الهند

الأقصوصة هي وسيلة لبثّ القيم الخلقية والإنسانية والتمكن العقلاني والمنهجية العلمية والسلوكية وتطور الملكات والمواهب، تطرح القضايا وتنشر الوعي وتستغرق الأحداث وتتطلع للمستقبل، ولها تأثير كبير، حيث تدعو إلى الالتزام الفكري والواقعية في طرح القضايا المعاصرة، كما تهدف إلى المتعة والمنفعة والالتصاق بالواقع الاجتماعي.

وهي عبارة عن قصة قصيرة تعنى بحادث واحد، وتركز عليه كل اهتمامها، كما تعالج الموضوع أو الفكرة من التاريخ أو تثير حادثة يومية، ثم تملؤها بالوصف والحوار والتعليق على ما قد يظهر بين ثنايا القصة من فجوات في حقائق الأحداث.


لقد احتلت الأقصوصة مساحة كبيرة في الأدب والفكر بسيرها على مواكبة المتغيرات، وإدراك معطيات العصر ووعي توجيهاتها ومفاهيمها القادرة على إيصالها إلى القيادة الفكرية والسياسية، وتأثيرها في الجماهير الشعبية بوسائلها الجذابة، وهي في خصوصيتها وعبر تقنياتها وأركانها وبنيتها وطبيعتها توفر للكاتب فرصة للتعبير عن خلجاته النفسية مما يشاهد في المجتمع، ولا تقوم على بناء الأحداث وتطورها وتوالدها، بل تحكي الحكاية بالحديث عن واقع موجود.


وتعتمد الأقصوصة على أحداث متباعدة، تفقد التماسك والتلاحم، فهي لا تمثل لحظة زمنية جاءت إلى مكان محدود، وإنما الأحداث والأمكنة تدور حول الشخصية في تباعد وطول عهد، غير أن الأحداث ذات علاقة بالمجتمع، ما دعاه لأن يستجلي خباياها ويضيف عليها روح الحياة.

لقد تبلورت الأقصوصة وأصبحت قوية النسيج، متماسكة البناء، تتواصل مع الشكل القصصي الفني وتسير في إطاره، بل أخذت تتشعب في اتجاهاتها وأشكالها الفنية، وهي اليوم عبارة عن وجبة فكرية سريعة تخاطب العقل والفكر عن طريق الشعور في لحظة زمنية.