السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الصمت.. لغة الغيم العابر

الصمت.. لغة الغيم العابر

الساحة (4)

بقلم: نبيل عرابي كاتب ـ لبنان

الوقت: قبل غروب الشمس بساعة تقريباً.

المكان: على بُعد أمتار قليلة من امتداد الشاطئ، حيث تلفظ الأمواج أنفاسها الأخيرة.


صورة مشهد السماء: انتشار كثيف لأعداد هائلة من الغيوم، بتشكيلات مذهلة من حيث التجمّع والتفرّد والتراصف والتباعد.


وكلّما صارت إحدى الغيمات أو مجموعة منها في مواجهة مع الشمس، ازدادت صورة المشهد روعة، حتى إذا ما اجتمع أكبر قدر من التفاصيل، تشكّلت حالة من الاستفزاز الحقيقي لعدسة مصوّر ينتظر فرصة أو حدثاً ما.. لريشة رسّام استقرّت منذ زمن على طاولة منسية.. لقريحة أديب تراكم الغبار عليها بقدر ملحوظ.. لموسيقى عازف ابتعدت نوتات أي لحن جديد عن خياله، لمسافات لا يُستهان بها...

تساءل: ترى.. هل تملك هذه العابرات لغة خاصة بها..؟ وهل لديها مفردات وعبارات وجمل تعبّر بها عن تكوّنها وتلاشيها.. عن المناطق التي تشكّلت في أجوائها، والتي مرّت فوقها قبل اختفائها؟

ترى، هل هناك من قواسم مشتركة بين حياته، وهذه الماضيات فوق رأسه يومياً دون استئذان ودون إيلاء أي اهتمام لرغبات بني البشر؟

لا يزال يحدّق في السماء، وكأنه يودع الغيمات التي صار نظره بالكاد يميزها، ليستقبل مجموعات أخرى، استفزّت فيه حبّ التعرّف إلى ما قد تحمله في انتفاخها، لكنه عاد إلى واقعه من جديد، فقد غابت الشمس، وأصبح الأفق داكناً، فمضى في طريق العودة إلى بيته، لكن صدى ما كان يتردد في رأسه، قائلاً:

«الصمت هو لغتنا.. الصمت هو لغتنا».