الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

شخصيات عابرة

شخصيات عابرة

الساحة (3)

بقلم: رقية سالم فرحان الكعبي مدرّسة - الإمارات

في رحلتنا الحياتية تجمعنا الظروف بأناس نلتقيهم بعض الوقت.. نحدثهم بعفوية ويردون علينا بدماثة وطيبة بالغة.. وقد يتحول اللقاء العابر إلى صحبة ثم إلى أخوة، بعد مضي أيام يأتي خبر محزن، غريب، بأن هذا الصديق، هذا الأخ، قد رحل. مضى برفقة الموت بهدوء بارد، يشبه ذلك اللقاء العفوي معه.

العجيب في الأمر أنك تتنازل عما كان في الصورة الذهنية عن هذه الشخصية، ولا تجرؤ على أن تفتش عن سيرتها حين توافيها المنية، لأنك حتماً حينها تظل وفياً للحظة لقائك بها. تلك اللحظة التي حطمت كل الصور الذهنية عنها وأجبرتك على ألا تصغي لحديث عن ذكرياتها سوى تلك الذكرى التي جمعتك بها، فهي بالنسبة لك ملخص كل حياتها.


ذكرى لقاء فريد من نوعه، لقاء وحيد ولن يتكرر.


طُهر اللحظة التي عشتها، ونقاء السريرة الذي لمسته منها، والابتسامة الصادقة التي تبادلتماها، تجعلك تقدس لها هذه اللحظة، ولا تريد أن يمس هذه اللحظة أحد بسوء حتى لو فتحت ملفات حياتها كلها أمامك بحلوها ومرها. تترحم عليها، ثم تتقاطر عليك أسئلة شتى: من تكون هذه الشخصية؟ وكيف مرت في حياتي خاطفة كهذه اللحظة التي سمعت فيها خبر وفاتها؟ حين غادرت، تجمد فكرك إلا عند لقطة رؤيتها، وشُلّ لسانك إلا من لا حول ولا قوة إلا بالله! الله يرحمها.

أشهد أنها مرت في حياتي وحياتكم لحظة، حتى تظفر بدعاء الرحمة.

كانت هذه خاطرة لشخصية خطرت في حياتي وحياتكم فتحدثت وضحكت وأنشدت فأطربت مجلسها، وداعبت بحسها العفوي قلوب الكثير.. ثم ولّت ميممةً إلى عالم البرزخ.