السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«سيدة الدار».. قامتها حضور وتعبير

«سيدة الدار».. قامتها حضور وتعبير

الساحة (3)

بقلم: نبيل عرابي كاتب ـ لبنان

اقترب الليل من النافذة الشفافة، معلناً حلول موعد الصمت اليومي في حضرة شمعة نحيلة.. لا جدوى من ذوبانها سوى أنها تسامر الصمت بمرارة، حين يطل عليها من شرفة الغياب. أتراه دمعاً هذا الذي يقطر منها؟ أتراها تكتفي بلهيبها، وإن كان لا يقوى على مواجهة زفير مسلّط عليها.. ينفث فتات الحزن العالق في شعاب الرئتين المشبعتين بثاني أكسيد الهموم؟

غريب أمركِ أيتها الشمعة مجهولة المصدر.. من أين لك كل هذا الصبر على الوقوف كحارس قصر ملكي يخشى أن يهش ذبابة إذا حطّت على أنفه.. كي لا يخسر وظيفته؟


غريب أمرك حقاً..! كيف تكتمين هذا الكم الهائل من الأسرار، وأنت على مسافة يتمناها كل مظلوم من ظالمه لينقضّ عليه ويثأر لنفسه؟ أجدك تلتزمين الصمت دوماً.. وتتركين لمن استضافكِ على مائدته أو في غرفته، أو في طقس من طقوسه أن يسبغ عليك الصبغة ـ الهدف من حضورك..


عجيب أمرك أيضاً.. فكيف تستطيعين أن تجمعي في قامتك التي مهما طالت كل هذه المساحة من الحضور والتعبير، وإلى حد كبير في كل ما من شأنه أن يقرع باب الحاجة والشعور الإنساني، فقد رافقت حقبات طويلة من الحضارات التي شهدها التاريخ، وبالرغم من كل الأزرار التي صرنا نضغط عليها لنحصل على النور الكافي لتفاصيل حياتنا.. إلا أنك ما زلت صاحبة وجود فاعل في ميادين عدة وشتى، لا تنفع فيها المنافسة معك، ولا طعم لها، ولا معنى لوجودها، إن لم تكوني «سيدة الدار» فيها.