مريم الشكيلية كاتبة - سلطنة عُمان المطر يا سيدي يذكرني بالفرح المنقوص والغياب المترف بالحنين، وأشعر أنه يعزف لحن تابوتي عندما يستمر بالهطول لساعات طويلة.. كما وتشعرني الشتاءات برماد خامد تحت حرائق قصائدي وإنني أسير حافية الكلمات كلما تلبست تفاصيله وحاولت أقف دون ارتعاشة حرف ونبض... المطر يا سيد الأرقام يقسمني نصفين ويجعل مني امرأة مؤثثة بالبكاء ويتركني بعدها ممددة على أسرة الوهم وشراشف الحلم المفقود... من الطبيعي أن أكون هادئة الآن على غير عادتي لأنني في حضرة الرذاذ الماطر تسكنني كل لغات العالم أرفع قبعة قلمي لأكتب لك كل هذا الشعور الذي يعتريني الآن ويجعل مني امرأة في الخمسين من عمري.... أتعلم أنني الآن أزيد معدل هطول الأمطار ببكائي ولا أعلم لما تداهمني موجة البكاء، أتعلم أن هذه الأجواء تجعلني هشة وكأنني أطفو فوق سطح حرف وتعلم أنني الآن تمنيت لو أنني أتحدث إليك بصوتي بلا سطور صماء لأنني كما وصفتني يوماً بأنني أنثى تزهر بالأحاديث الطفولية.... هنا تزورني الطيور خلسة تنقر على نافذتي كل صباح كأنها تتعمد إيقاظي أتقاسم معها فتات رغيف خبز، أما المطر في هذه الفترة من السنة يكون أكثر شدة وأكثر غزارة حتى إنني تمكنت من أن أرسله إليك مع صوت الهاتف كأنني أرسل إليك غضبه لا صوته... كأنني أراك الآن وأنت تقرأ سطري وتقول رغم هذا البرد، فإنك كما أنت مبهجة بالحديث كأنك تشبهين المطر... الحنين على إيقاع عزف...
2020-02-01
بقلم: زينب مهداوي إعلامية وكاتبة ــ الجزائر
عندما قيلَ لعمر المختار، رحمه الله، «إيطاليا تملك طائرات نحن لا نملكها»، أجابهم: «هل تحلّق تحت العرش أم فوقه؟».. قالوا: تحته!. فقال: «من فوق العرش معنا فلا يخيفنا من تحته».. عبارة قوية تبين الإيمان الراسخ في وجدان رجل لا يهاب الموت، وهنا يكمن الفرق بين صاحب حق ومعتدٍ.
قد يكون شنق عمر المختار أمراً مرعباً في عيون الكثيرين، لكن اسمه خُلدّ في صفحات التاريخ البيضاء على مدى الدهر عكس أعدائه وعلى رأسهم المارشال الإيطالي «رودولفو غراتسياني»، الذي يُشهَد له بارتكاب أكبر المجازر بحق الإنسانية. ففي واقع الحياة قد مات الرجلان، لكن شتَّان بين أن تموت وأنت بطل أو تكون قاتلاً.
أراضي عمر المختار ـ التي حباها الله سبحان وتعالى بثروات لا يعلمها غيره ـ ها هي تترامى أشلاء جسدها بين أنياب المطامع، كفتاة تواجدت في لحظة غروب في غابة لوحدها تتوسل أي سيد نبيل ليحميها من قطاع الطريق ومرتزقتهِ، فهي كلما اختبأت في زاوية اكتشفت أن اللصوص احتلوا كل الأماكن، وهي في ركنها الصغير تنتظر نجدة من يرفع رايات الإنسانية والحق.
هذه الفتاة كم تخاف حلول المجتمع الدولي، التي لم تأتِ بغير الدمار على شقيقاتها، في سوريا واليمن والعراق، فهي تدرك وتخاف أن يجتمع ضِبَاع العالم عليها هذه المرة أيضاً، لينهشوا خياراتها من دون رحمة.
هذه الفتاة هي من سلالة أصيلة، وتعلم جازمة بأن لها في بلاد العرب الأخرى جذوراً.. تدرك أنها قطعة من وطن عربي كبير، لكنها تسأل: ما دخل ألمانيا أو فرنسا أو روسيا أو أمريكا وكذا تركيا وغيرها في شأن أمة تحاول لملمة ما بقي منها على قيد الأمل.. ألم يكن من الأجدر أن يسمع آهاتها وأوجاعها أهلها فقط؟
ليبيا تعلم أن المظالم في اجتماعات العائلة العربية ستكتب على ورق، وأكثر ما ستقوم به هو التنديد والتعبيرعن الاستياء، ففي حقيقة الواقع المر تمّ التعود على الهزيمة.
أما الآخرون فهم باسم مجتمع دولي لا رحمة لهم ويرون الأولوية للمنفعة واستغلال الثروات، وعلى رأسهم سلطان الحريم الذي باع ليبيا سابقاً، والتاريخ يشهد على صفقة الأتراك مع الإيطاليين، التي أودت بحياة عمر المختار ومئات الآلاف من أبناء ليبيا الأبطال.. نعم، إنه نفس العثماني مرة أخرى يلبي نداء الخيانة ليفتح باب الحرب والتقتيل ليجعل من أرض المختار ساحة معركة للمصالح.
أردوغان ومن معه سيجهزون طائراتهم ودباباتهم ومختلف أسلحتهم، وسيرسلون دواعشهم فوق أحصنة عثمانية وروسية وأمريكية وحتى أوروبية.. المهم سيقتلون منا أكثر وأكثر بداعي الإنسانية.
ليبيا المختار باتت جزءاً من المخطط الظاهر، أما الخفي فهو خريطة مجتمعهم الدولي المرسومة في الدهاليز المظلمة، وبكل بساطة هم يسعون لإجراء عمليات تحويل جيوسياسية للوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه، أما الفائدة في منطق السياسة التجارية فهي بعثرة أفراد العائلة الواحدة لشراء واستغلال الثروات بثمن زهيد.
أما البشر بالدلائل والأرقام فهم ليسوا في حساب رجال أعمال الحروب والسياسة، وحلّ الأزمة الليبية بالنسبة لهم عبارة عن دبلوماسية زرقاء، تعد بجمال الربيع باسم حقوق البشر، وأكثر من يغيب في هذه المعادلة هو الإنسان، وأكثر ما سيهتز في واقع لقاءاتهم هي الافتتاحيات الرنانة للصحف والقنوات الإعلامية.
يبقى أنه من باب التذكير وللعبرة، فإن لقاء ومشاورات برلين الخاصة بالأزمة الليبية تواجد فيها تقريباً الجميع وغاب أحفاد عمر المختار.
عندما قيلَ لعمر المختار، رحمه الله، «إيطاليا تملك طائرات نحن لا نملكها»، أجابهم: «هل تحلّق تحت العرش أم فوقه؟».. قالوا: تحته!. فقال: «من فوق العرش معنا فلا يخيفنا من تحته».. عبارة قوية تبين الإيمان الراسخ في وجدان رجل لا يهاب الموت، وهنا يكمن الفرق بين صاحب حق ومعتدٍ.
قد يكون شنق عمر المختار أمراً مرعباً في عيون الكثيرين، لكن اسمه خُلدّ في صفحات التاريخ البيضاء على مدى الدهر عكس أعدائه وعلى رأسهم المارشال الإيطالي «رودولفو غراتسياني»، الذي يُشهَد له بارتكاب أكبر المجازر بحق الإنسانية. ففي واقع الحياة قد مات الرجلان، لكن شتَّان بين أن تموت وأنت بطل أو تكون قاتلاً.
أراضي عمر المختار ـ التي حباها الله سبحان وتعالى بثروات لا يعلمها غيره ـ ها هي تترامى أشلاء جسدها بين أنياب المطامع، كفتاة تواجدت في لحظة غروب في غابة لوحدها تتوسل أي سيد نبيل ليحميها من قطاع الطريق ومرتزقتهِ، فهي كلما اختبأت في زاوية اكتشفت أن اللصوص احتلوا كل الأماكن، وهي في ركنها الصغير تنتظر نجدة من يرفع رايات الإنسانية والحق.
هذه الفتاة كم تخاف حلول المجتمع الدولي، التي لم تأتِ بغير الدمار على شقيقاتها، في سوريا واليمن والعراق، فهي تدرك وتخاف أن يجتمع ضِبَاع العالم عليها هذه المرة أيضاً، لينهشوا خياراتها من دون رحمة.
هذه الفتاة هي من سلالة أصيلة، وتعلم جازمة بأن لها في بلاد العرب الأخرى جذوراً.. تدرك أنها قطعة من وطن عربي كبير، لكنها تسأل: ما دخل ألمانيا أو فرنسا أو روسيا أو أمريكا وكذا تركيا وغيرها في شأن أمة تحاول لملمة ما بقي منها على قيد الأمل.. ألم يكن من الأجدر أن يسمع آهاتها وأوجاعها أهلها فقط؟
ليبيا تعلم أن المظالم في اجتماعات العائلة العربية ستكتب على ورق، وأكثر ما ستقوم به هو التنديد والتعبيرعن الاستياء، ففي حقيقة الواقع المر تمّ التعود على الهزيمة.
أما الآخرون فهم باسم مجتمع دولي لا رحمة لهم ويرون الأولوية للمنفعة واستغلال الثروات، وعلى رأسهم سلطان الحريم الذي باع ليبيا سابقاً، والتاريخ يشهد على صفقة الأتراك مع الإيطاليين، التي أودت بحياة عمر المختار ومئات الآلاف من أبناء ليبيا الأبطال.. نعم، إنه نفس العثماني مرة أخرى يلبي نداء الخيانة ليفتح باب الحرب والتقتيل ليجعل من أرض المختار ساحة معركة للمصالح.
أردوغان ومن معه سيجهزون طائراتهم ودباباتهم ومختلف أسلحتهم، وسيرسلون دواعشهم فوق أحصنة عثمانية وروسية وأمريكية وحتى أوروبية.. المهم سيقتلون منا أكثر وأكثر بداعي الإنسانية.
ليبيا المختار باتت جزءاً من المخطط الظاهر، أما الخفي فهو خريطة مجتمعهم الدولي المرسومة في الدهاليز المظلمة، وبكل بساطة هم يسعون لإجراء عمليات تحويل جيوسياسية للوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه، أما الفائدة في منطق السياسة التجارية فهي بعثرة أفراد العائلة الواحدة لشراء واستغلال الثروات بثمن زهيد.
أما البشر بالدلائل والأرقام فهم ليسوا في حساب رجال أعمال الحروب والسياسة، وحلّ الأزمة الليبية بالنسبة لهم عبارة عن دبلوماسية زرقاء، تعد بجمال الربيع باسم حقوق البشر، وأكثر من يغيب في هذه المعادلة هو الإنسان، وأكثر ما سيهتز في واقع لقاءاتهم هي الافتتاحيات الرنانة للصحف والقنوات الإعلامية.
يبقى أنه من باب التذكير وللعبرة، فإن لقاء ومشاورات برلين الخاصة بالأزمة الليبية تواجد فيها تقريباً الجميع وغاب أحفاد عمر المختار.