الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

بيت «الشويهيين».. وحبيبة والدي

بيت «الشويهيين».. وحبيبة والدي

الساحة (1)

بقلم: د. ميثاء العبدولي كاتبة وباحثة ـ الإمارات

أخبرني والدي ـ حفظه الله - أني لم أكمل عامي الأول حين انتقلنا إلى البيت الجديد عام 1977، لكن حديثه الدائم المليء بالشغف عن «الشويهيين»، جعلني أعشق الشارقة، وأعشق بيوتها وممراتها، وأناسها الذين يمشون في حواريها.

لقد عشقت عم إبراهيم وهو يحمل دلويْ ماء معلقيْن على (احطبةٍ)، وصوته (ماي.. ماي) يدوّي في ممرات الفريج الضيقة، وأتخيل عم ناصر الذي يقود حماره بين السكيك يعلن عن صيد اليوم (شعري، صافي و..)، ثم أفترش الأرض وأنا أرتدي «ملفع» أختي، وأجلس بجنب الخالة موزة، فتناولني (البرميت والنخي).


آنذاك تهرول أختي مسرعة صوب راعي الآيس كريم عبدالرحمن الهندي وهو يدور في الفريج بثلاجته التي كانت برميليْن يحملهما على (سَيكله) المتواضع، وعيال الفريج كلٌ يحاول أن يظفر بصيده الثمين من المثلجات وبيده ربع روبية، ويأتي صوت أمي، داعية أخي ليلحق بالصوت الآتي (باجلة.. دنجو حار.. بعده ما برد، دنجو حار.. بعده ما برد..) تلك أصداءُ أصواتٍ تتناغم في امتزاج بهيٍّ ترسم صوراً تنقشها ذاكرتي بتفاصيلها الحلوة، والتي لم أعايشها، لكن حديث والدي - حفظه الله - وكاميرته قد حفظتها، وأتاحت لي الفرصة أن أحلق في أجواء بيت جدي محمد أحمد في الشويهيين، أستنشق من خلال تلك الصور عبق ذكريات محفورة بعمق فيما بقي من إرثٍ لا يزال والدي متمسكاً به في ركن خاص في متحفه، خاصة باب بيت الشويهيين الذي جاوز الـ120 عاماً محتفظاً ببقايا ألوانه المبهجة، يتأمله والدي برهةً فيداعب بها ذاكرته ويتغنى بتاريخ فريد، تتلألأ فيها عيناه كلما تطرقنا في حديثنا إلى حبيبته الشارقة.