الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

زايد الخير.. جامع الخصال

زايد الخير.. جامع الخصال
بقلم: أحمد صديق محرر اقتصادي - مصر

إن الحديث عن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لهو أمر يبعث على الطمأنينة والأمل. فقد ارتبط اسمه، رحمه الله، بالعديد من المناقب والفضائل التي يصعب حصرها في هذا المقال، لكني أود أن أتناول ذكره من جانب واحد، طالما ارتبط باسمه وهو «الخير».

أذكر أول مرة يبدأ اهتمامي بسيرة هذا الرجل العظيم في الثاني من نوفمبر من عام 2004 وهو يوم وفاته، حينها كنت قد بدأت مسيرتي في بلاط صاحبة الجلالة، وكنت في مكتب أحد المسؤولين لإعداد موضوع، وكنت منتظراً حتى يحل موعد المقابلة وأشاهد التلفاز وقت إذاعة نبأ وفاة شيخنا، وأذكر كلمات قالها المذيع هي آخر ما أوصى به، رحمه الله، وكانت تتعلق بمصر.


ونظراً لأني مصري جسداً وروحاً، فقد تأثرت كثيراً بتلك الكلمات التي أوصى فيها عياله: «نهضة مصر نهضة للعرب كلهم.. وأوصيت أبنائي بأن يكونوا دائماً إلى جانب مصر.. وهذه وصيتي».


والحقيقة أن جسدي قد انتفض خشوعاً من تلك الوصية وسألت نفسي: من هذا الرجل الذي كانت مصر في خاطره إلى هذا الحد؟.. من هذا الرجل الذي ذكر مصر في ساعات عمره الأخيرة؟ هنا بدأت أقرأ عن هذا الرجل العظيم بكل ما أوتيت من رغبة في العلم والمعرفة وأنهل من حكمته وسداد رأيه و«خيره».

لكن ظلت تلك الصورة مبنية على ما قرأته وعرفته عن هذا الرجل العظيم، حتى يشاء العلي القدير أن تطأ قدمي أرض هذا البلد الطيب لأعمل صحافياً، والحقيقة أن هذه الحيرة التي ملأتني من عظمة هذا الرجل قد تحولت خشوعاً والدهشة يقيناً بعد ما رأيته على أرض الإمارات.

لقد بنى سموه، رحمه الله، بلداً عظيماً بعظم شخصيته، بلداً يتسع للجميع، بلداً يرمز للخير دائماً، بلداً يمزج الأصالة بالحداثة في تناغم غريب قلما تجده في مكان آخر.

والأجمل أنه ترك فينا جيلاً قادراً على حمل الراية من بعده، فكان أبناؤه، حفظهم الله ورعاهم، نعم الخلف لخير السلف، فساروا على دربه مستلهمين من حكمته وسداد رأيه ما ينير لهم الطريق، واضعين مبادئه نبراساً يهتدون به في حياتهم.

كل هذا دفعني إلى أن أعبّر عما يجيش في صدري من مشاعر حب وتقدير واعتزاز بهذا الرجل العظيم في تلك الأبيات التي أهديها إلى عياله، وهي كلمات لن توفي هذا الشيخ حقه، فقد كان هو الوالد لمن لا أب له، السند لمن لا سند له، ويكفي أن كل خير فعله قبل رحيله، سيظل ملازماً له بعد أن انتقل إلى رحمة الله:

نال العلا من كل ذاك عظيم

وفوق العلا قد نصبوك نصابا

خلقــاً وشــرفاً لا يليق بمثله

إلا كمن جـمع الخصــال كتابا

قد كنت في الأزمان رمزاً شامخاً

أسر القلوب وأطرب الألبابا

وجمعت من حب الخلائق كله

وتـركت بعد وفـاتك الأحبابا

وبنيت وطن العالمين جميعهم

مـن كـل فـج يطـرق الأبوابا

وتركت فينا من رحيقك أجمله

يـقف الجمــيع لخيـره طــلابا

يا زايد الخير والخير زايد

شـــرفــت بـك آنـامنا أنســابا

وتعطرت من ذكر اسمك جنة

باتت بطيب خصالك المحرابا

فيك الأنامل دهراً تسطر سيرة

عن خلق رفيع تكشف الألقابا

لو كان لي طلب يلبى في السما

لـكتبت زايـد في السماء سحابا