الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

إنه الخوف

إنه الخوف

الساحة (4)

محمد عبدالله عبدالرحمن كاتب وشاعر ورائد أعمال ـ الإمارات

هل غيّر كورونا المتعدي إلى كل أركان صرحنا الإنساني من نزعتنا نحو النمذجة والعيش في طمأنينة التنميط؟.. ليست هذه دعوة للأناركيّة أو العودة إلى زمن الجمع والالتقاط، بل تأملاً في ظل خلوة منزلية أهديت لنا لتُعيدنا إلى مرآة ذاتنا الإنسانية.

على مدى قرنين من الزمان جنح الفكر والفعل البشريين إلى محاولة الإحاطة بكل ما هو مؤثر، مفترضَين مسبقاً أنه يمكن السيطرة على كل «ظاهرة» إذا درسنا كل أبعادها، ومن ثم العمل على بناء خطط وسيناريوهات تناسب كل توقع.


تلك العلاقة بين الذات الإنسانية ومحيطها كانت ـ ولا تزال ـ المحرك الأول لما حققته البشرية من قدرة على بناء منهجية تجريبية ثم توظيفية أثمرت ثورة تكنولوجية رقمية ونموذجاً مؤسساتياً للعلاقة بين البشر ينشد تحقيق المستوى المعيشي الأفضل لمن يستحق، ورغم هذا الانفجار المعرفي والتكنولوجي وانعكاساته التي جعلتنا أكثر وعياً وأطول عمراً، إلا أن هذا النمط من العلاقة قد رسم الإنسانية كتلاً فردية متفرقة يقارع كل منها الوجود وظواهره بمنطق الندية الرافضة بداهة للتعايش والساعية للسيطرة والامتلاك، ورسخت الاعتقاد بقدرة منطق النمذجة والتنميط على إدارة هذا «التحدي» الوجودي.


فرصة الخلوة غير المسبوقة هذه، تتيح لتلك اللوحة المضيئة بشموعنا، الغوص عميقاً لاستجلاء دوافعنا الشعورية.. فما الذي يجعلنا نمضي وحيدين خلف تلك «لا» الكبرى، مستضيئين بما خلقناه وصدقنا به من معايير مبنية على ما تصورناه.

إننا عبر طبقات من الدوافع والمآرب والأهداف الاستراتيجية والتكتيكية، نغوص عابرين على الطموح والطمع وإثبات الذات، وحماية المكتسبات، وسابحين عبر أنهار من الشغف الإنساني الممتد من الذرة وما تحتها إلى الأكوان وما وراءها ومرتحلين عبر حاجات ورغبات بشرية، لنصل في تأملنا إلى ذلك القابع في القعر.. «إنه الخوف..».