السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

ألوان الحياة

ألوان الحياة
د. محمد سعيد حسب النبي أستاذ جامعي ـ مصر

تروي إحدى الأساطير الآسيوية قصة مزارع ذهب إلى حكيم ليشكو له مرارة عيشه، وخوفه من المستقبل، الذي يسيطر على قلبه وعقله، فطلب منه الحكيم أن يأتيه بأوعية ماء ثلاثة، فوضعها على النار، ثم وضع في الوعاء الأول بعض ثمار الجزر، وفي الثاني بيضة، وفي الأخير بعض أوراق الشاي، وما أن بدأ الماء بالغليان حتى رفع ثمار الجزر في إناء، والبيضة في إناء، والشاي في إناء ثالث، ثم سأل المزارع ليخبره بما يراه.

فأجابه المزارع بأنه يرى ثمار الجزر وقد صارت لينة، وبيضة ناضجة، وإناء به أوراق الشاي، فسأله الحكيم: من أنت في هؤلاء؟ فإن الماء المغلي أصاب ثمار الجزر والبيضة وأوراق الشاي، فجعل الجزر ليناً، وقشرة البيضة ما زالت قاسية وقد حمت محتواها وأنضجته، أما أوراق الشاي فقد تفردت بتغيير لون الماء.


ثم أضاف الحكيم سائلاً: عندما تطرق المحنة بابك، كيف تستجيب لها؟.. هل تصير ليناً وتفقد قوتك، أم تحمي نفسك وتصير أكثر نضجاً وصلابة، أم تكون أكثر قدرة فتغير ما حولك وتلون حياتك بلون مختلف مثل أوراق الشاي؟.. كلما تعقدت مواقف الحياة وبلغت أقصى درجات التأزم ارتقت نفسك درجة في سلم التطور الذاتي.


إن تحديات الحياة لا تنقطع، ولا يتوقع أن نستجيب لها جميعها استجابة آلية واحدة، ولا أن نستسلم للأفكار السلبية التي تفرضها بعض هذه التحديات.

لقد صار من المسلَّم به أن التفكير السلبي يحول دون اكتساب المرونة والمقاومة في التعامل مع الأزمات الحياتية، حيث لا تسمح للعقل باكتساب مقومات التغيير، كما أن نمو الاستياء النفسي يصبغ ألوان الحياة بلون الاكتئاب.. إننا جميعاً نملك بذرة المرونة ونملك استنباتها إذا ما توفرت الإرادة لذلك.. إنها إرادة التغيير والتطوير والبقاء.