الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

اللقاح الثقافي.. ومناعة الشعوب

اللقاح الثقافي.. ومناعة الشعوب
محمد الشرفاوي كاتب ومخرج ـ سوريا

لا حدود للثقافة والتفكير الإبداعي، فالمنتجات الثقافية والفكرية الخلاقة، ضرورة في كل الأوقات والأحيان، وفي مختلف الظروف والأحوال، لتستطيع المجتمعات البشرية مواكبة النهضة المعرفية، ومتابعة مسيرة الحضارة الإنسانية، وتعزيز قيمها وقدرتها على مواجهة التحديات، خصوصاً وقت الأزمات والطوارئ والكوارث الطبيعية.

لقد أظهرت تداعيات فيروس كورونا الحاجة الماسة إلى استشراف مستقبل الحضارة الإنسانية، وضرورة وجود منظومة ثقافية عالمية، قوية ومتماسكة، تتسع للجميع، وبإمكانها تقوية مناعة المجتمعات البشرية ضد جميع المتغيرات والظروف والأزمات الطارئة، التي من الممكن أن تتعرض لها المجتمعات البشرية، سواء كانت صحيّة أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية.. أو غيرها من التحديات التي لا تعد ولا تحصى.


إن صناعة المعرفة وبناء منظومة ثقافية عالمية تضم الجميع تحت مظلتها، تعتمد على رؤى وأفكار إبداعية.. مسؤولية مشتركة يتعاون فيها الجميع لمتابعة مسيرة التنمية العالمية، وتعزيز تقدم الحضارة الإنسانية وقيمها الإيجابية لبناء مستقبل أفضل للأجيال المقبلة، ولهذا ضروري إيجاد لقاح معرفي ثقافي يعزز من مناعة الشعوب ضد الأزمات، ويزيد من وعيها وقدرتها على الاستجابة والتعامل مع الحالات الطارئة، من خلال منظومة ثقافية عالمية منسجمة ومتماسكة، تتقبل الجميع، وتستوعب الكل، تقوم على الإنسانية والمحبة مع احترام خصوصية المجتمعات وقيمها.


إن ما شاهدناه من تباين في مستويات الوعي بين الشعوب واختلاف استجابة الدول للتعامل مع هذا الوباء، والاختلال في موازين الحياة اليومية والممارسات التي اعتدنا عليها، يحتم على جميع الطبقة المثقفة في كل مكان من العالم، سواء كانوا كتاباً أو مفكرين أو أدباء أو مبدعين أو فنانين أو مؤسسات ثقافية أو إعلامية، أن تعيد النظر في برامجها وخططها واستراتيجياتها للمرحلة المقبلة، وأن تكون أكثر استعداداً لمرحلة ما بعد كورونا.