الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الألم.. رغبات وطاقات

الألم.. رغبات وطاقات
د. محمد سعيد حسب النبي أستاذ جامعي ـ مصر

يبدو أن الإنسان كُتِب عليه أن يألم في جميع مراحله، وقد لا يدري أن سعادته في طفولته أنه لا يعرف غير الأمراض البدنية، تلك الأمراض التي تعد أقل وطأة وقسوة من الأمراض النفسية، والتي تدفع في بعض الأحيان إلى اليأس. كما أن بعضنا يتوجع من آلامه، ولا يدري أن أعظم أمراضنا تصدر عنا.

ويرى بعض الفلاسفة أنه من الطبيعي أن يألم الإنسان دائماً، وأن يموت هادئاً، ويؤكدون أن بعض الأطباء بوصفاتهم يُضعفون القلب ويخوِّفون من الموت.


والواقع أننا لا نرى أضنى من الإنسان استشعاراً للشقاء، ويرى «جان جاك روسو»: أن الجزع والفزع والهلع والأدوية قتلت أناساً كان من الممكن أن يُبْقي عليهم مرضهم، فيشفيهم الزمن وحده.


ومن النصائح التربوية المثيرة ألا يُظهر الآباء توجعهم أمام أبنائهم، حيث يتلقون دروس الشجاعة الأولى، فإذا ما احتملوا الآلام الخفيفة بلا وجل، تعلموا احتمال عظيمها بالتدريج.

وأسعد الناس من يكون أقل توجُّعاً بالآلام، وأشقى الناس من يكون أقل شعوراً بالطيبات، ويقوم النصيب المشترك دائماً بين الجميع على وجود الآلام أكثر من الملذات، وكأن سعادة الإنسان في هذه الدنيا لا تكون غير حال سلبية، فيجب أن تقاس بالمقدار الأقل للمعاناة التي يقاسيها.

وكل شعور بالألم لا يمكن فصله عن الرغبة في الخلاص منه، وكل رغبة تفترض حرماناً، وكل حرمان نستشعره مؤلم، ولا يقوم بؤسنا على تفاوت رغباتنا وطاقاتنا، ولذا فالسعيد هو من تتساوى رغباته وطاقاته.

وأذكر في هذا السياق ما قاله الدكتور مصطفى محمود عندما سُئل عن الحكمة التي توصل إليها بعد عمر طويل من تأملاته الروحية والفكرية، فأوجز قائلاً: «أن تقاوم ما تحب وأن تتحمل ما تكره».